حظيرة "الكناغر" العراقية
20 September 2015
تتمدّد حظيرة الكناغر في العراق اليوم. السياسيون يضخّون فيها الأموال ويعتنون بها أيما اعتناء من أجل أن تتحوّل إلى محميّة كبيرة، تتسع لأكبر عدد ممكن من الكناغر المتقافّزة من موقع إلى آخر، وهذه الكناغر "البشرية" منضوية تحت شتّى المجالات، وهي تتقافز من موقف سياسي إلى آخر، المبادئ آخر ما تضعه في الحسبان، وتتعامل بديباجة مملّة تظلّ تردّدها على مسامع الجميع في الندوات وعلى شاشات التلفزة، وهي "الإنسانية" و"إنقاذ العراق".
تتسع حظيرة الكناغر، وبإمكانها أن تضمّ جميع من يملك القدرة على التقافز في الهواء العراقي المسموم
أحد هذه الكناغر رجل دين عراقي معمّم، وقد ترك هذا كل يهود العالم وذهب إلى صفحة أفيخاي أدرعي، الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليهنئه بعيد اليهود، وخصّ "اليهود العراقيين" بالذكر. بالطبع كان رجل الدين، الذي يعلن انتماءه لعلمانيي بلاد ما بين النهرين، ويؤمن بفصل الدين عن الدولة، ويُحارب المليشيات، ويدّعي أيضاً أنه يقف مع الإنسانيّة جمعاء أينما كانت، وكيف ما كان شكلها، أقول أن رجل الدين تمنّى لو أن تعليقه على صفحة أدرعي على فيسبوك مرّ مرور الكرام من دون أن ينتبه إليه أحّد، إلا أن حظّه جعل تعليقه واضحًا على صفحة الإسرائيلي، الأمر الذي أثار موجة ردود صاخبة ضدّه.
رجل الدين، الذي يعلن كل يوم أنه يدعو إلى "التنوير"، بل ويقيم ندوات حوارية من أجل ذلك، سرعان ما وقع بمطّب تلو الآخر، ففي البدء، علّق بأستذة قائلاً "أنكم لا تفرقون بين اليهودية والصهيونية". ومضى ساكتاً مزهوّاً باكتشافه بأن أدرعي، الناطق باسم جيش الاحتلال، ليس صهيونياً، متوقّعاً، على طريقة "الروزخونات" أن كلامه لا يقبل الجدل، وأن الجميع سيصدّقه، لكن على غير ما توقّع، لاحقته موجة سخرية جديدة لقصر فهمه، فراح هذه المرّة إلى حجّة أسوأ وأسخف "لم أعرف أن الصفحة تعود لرجل في الجيش الإسرائيلي".
الشيخ المعمّم إذًا، اللاهي ليل نهار على فيسبوك، لا يعرف استعمال الموقع الأزرق، وهو الذي كان سببًا رئيسًا لشهرته، والأنكى، وهو المُتابع الذي يضع أنفه بكلِّ شاردة وواردة، لا يعرف شكل أدرعي، ولا حتّى شكل العلم الإسرائيلي، ولا أيضًا شكل الحروف العبرية. المعمّم هذا، هل هو مهووس بالتعليق؟
يبدو كذلك فعلاً.
لم يحتمل الصمت طويلاً على فعلته المخزية، وسرعان ما صدّر بيانًا على طريقة السياسيين العراقيين التي تفتح الحرب على الجميع، ووزّع اتهاماته على من انتقدوه بمحاولة تشويه سمعته وصورته، ومضى أكثر من ذلك، حين أعاد ديباجته عن "الإنسانية" التي يمتلكها، والتي يتعامل وفقها مع الجميع أيًّا كانت أفكارهم، من الديانات الإبراهيمية إلى تفرعاتها السيئة مثل داعش.
"مسافة واحدة من الجميع"، شعار المعمّم "المتنوّر"، الذي يقابله المحلّل السياسي الكنغر.
وهذا المحلّل يبدّل مواقفه بسرعة 180 درجة من اليمين إلى اليسار، ومن الشمال إلى الغرب. يلوّح له السياسي، فيقفز إليه لاهثاً. وعلى طريقة "التفويض" السالكة في هذه الأيام، يُطالب بتفويض من جماهيره الهاتفة على فيسبوك من أجل أن يحاور السياسيين وينقذ العراق من المهالك التي وقع فيها.
يطرح خارطة عمل، ويقترح شخصًا واحدًا وحيدًا لتنفيذها، هل هي مصادفة أن يطرح بين الفينة والأخرى شخصًا بعينه لإنقاذ العراقيين؟ ليس من ردٍّ لدى المحلل الكنغر.
مثال رجل الدين والمحلل السياسي الكنغرين ينسحبان إلى مهنٍ شتّى، إلى مجالات واسعة، حظيرة الكناغر تتسع، وبإمكانها أن تضمّ جميع من يملك القدرة على التقافز في الهواء العراقي المسموم.
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات