سجلات الناخبين وأصوات النازحين تشعل انتخابات كركوك مبكرًا
4 September 2019
باستثناء الكتل والأحزاب الصغيرة، تُثير الأحزاب التابعة لإقليم كردستان وأهمها الحزب الديمقراطي الكردستاني الجدل حول قانون انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم والأقضية التابعة لها رقم ١٢ لسنة ٢٠١٨ المعدل، والذي سبق وأن أثار ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية على خلفية اعتماده للقاسم الانتخابي بطريقة سانت ليغو 1.9 في احتساب الأصوات، الأمر الذي يُقصي الكتل الصغيرة بإضعافه إمكانية حصولها على مقاعد في الحكومات المحلية، واقتصار ذلك على الكتل الكبيرة، بحسب العديد من الخبراء والسياسيين والمهتمين بهذا الشأن.
أولى الاعتراضات: المادة 35
قبل أقل من شهر، كُشف عن اتفاق بين الأحزاب الكردستانية على الطعن بالفقرة الخاصة بمحافظة كركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات المُعدل. وقال النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني البرلمانية طه ريبوار إن "تعديل الفقرة 35 في قانون انتخابات مجالس المحافظات والمتعلقة بكركوك لا يصب في مصلحة الكركوكيين"، مؤكدًا أن "المكونات الأخرى هي من طالبت بتعديل تلك الفقرة".
المادة 35 هي مادة خاصة للانتخابات المحلية في كركوك، وتنص على التدقيق في تسجيل اسم الناخبين بالمحافظة
كانت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب، فيان صبري، قد أشارت في 22 تموز/يوليو في تصريح صحفي إلى أن "نواب الحزب الديمقراطي لم يصوتوا على المادة القانونية التي تتحدث عن قانون انتخابات مجالس المحافظات في فقرته الخاصة بمدينة كركوك"، مضيفة: "انسحبنا من جلسة البرلمان، فنحن نعتقد بأنه يجب المضي بتحسين الوضع الأمني والإداري في كركوك، قبل بدء انتخابات مجلس المحافظة".
اقرأ/ي أيضًا: قانون الانتخابات المحلية.. دكتاتورية الكتل الكبيرة أم تقييد لإزعاج الصغيرة؟
وبخصوص الفقرة التي اعترض عليها الكرد، أشار نائب رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رزكار محمد أمين إلى أن "المفوضية ستعتمد سجلات الناخبين ذاتها التي تم اعتمادها في الانتخابات السابقة في كركوك لانتخابات مجالس المحافظات المقبلة"، لكنه أوضح أن "الوافدين إلى المحافظة في عام 2013 والأعوام التي تلتها لن يُسمح لهم خوض الانتخابات في كركوك، ولا يسمح لأهالي المحافظة خوض الانتخابات في أي مناطق أخرى".
ويُبيّن الأمين أن "المادة 35 من قانون انتخابات مجالس المحافظات هي مادة خاصة للانتخابات المحلية في كركوك مثلها مثل بقية المحافظات، وتنص على التدقيق في تسجيل اسم الناخبين بمدينة كركوك".
وتُلّزِم المادة 35، التي أثارت حفيظة الأحزاب الكردية، مفوضية الانتخابات بتدقيق سجلات الناخبين للتمييز بين البطاقة التموينية وهوية الأحوال المدنية وحذف الأسماء المكرّرة، باعتبار أن "السجلات عليها شبهات تزوير" بحسب وصف رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي، الذي تحدث مرارًا عن ضرورة تدقيق السجلات، مؤكدًا أن "لا انتخابات من دون تدقيق".
تطبيق المادة: الكرد سيخسرون الأغلبية!
تتهم كتل سياسية في كركوك من العرب والتركمان، الأحزاب الكردية، بتزوير سجلات الناخبين. ويقول أرشد الصالحي نفسه ببيان في 4 آب/أغسطس إن "هناك 100 ألف اسم مزور تمت إضافتها من قبل الأحزاب الكردية"، مشيرًا إلى "مساعٍ كردية بدت ظاهرة من أجل حرف نتائج الانتخابات بالضغوط السياسية لإعادة العمل بالمادة 140 من الدستور المعطلة والاعتراض على تدقيق السجلات".
من جانبه، يقول الأمين العام للاتحاد الإسلامي لتركمان العراق جاسم البياتي إن "الأحزاب الكردية زورت نحو 300 ألف اسم من المواطنين الكرد في سجل النخابين، لإحداث تغيير ديموغرافي"، مبينًا أن "العدد الحقيقي سيظهر في حال إشراف وزارتي التخطيط والداخلية".
تطالب كتل سياسية من العرب والتركمان في كركوك بتدقيق سجلات الناخبين لأن الأخيرة عليها "شبهات تزوير" وهناك 100 ألف اسم مزوّر تمت إضافتها من قبل أحزاب كردية
يرى البياتي، أن إشراف الحكومة الاتحادية على بنود الاتفاق في قانون الانتخابات، يعني أن "خسارة الأحزاب الكردية للأغلبية المطلقة في المحافظة خلال الانتخابات المقبلة، كما ستشهد حصول المكونين العربي والتركماني على أكثر من النصف وتشكيل الحكومة المحلية وإنهاء تقرير المصير من قبل الأحزاب الكردية".
هل يُعتمد التحديث؟
في 3 آب/أغسطس أعلن عضو اللجنة القانونية حسين العقابي عن توجه نيابي بجمع تواقيع لتعديل قانون الانتخابات المحلية بداية الفصل التشريعي الثالث، وذلك "لوجود مخالفات أبرزها فقرة تدقيق سجل ناخبي كركوك في كانون الأول من العام المقبل"، موضحًا أن "مفوضية الانتخابات قادرة على تدقيق سجل الناخبين في كركوك خلال ثلاثة أشهر قبل إجراء الانتخابات المحلية".
اقرأ/ي أيضًا: انتخابات المحافظات.. شبح المقاطعة وعدم تحديث البيانات مجددًا!
ووفقًا للفقرة، فأن المفوضية مُلزمة بتدقيق سجلات الناخبين في فترة لا تتعدى تاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2020، أي بعد ثمانية أشهر من إجراء الانتخابات المحلية.
قال مصدر طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"ألترا عراق" إن "تحديد تاريخ 31 كانون الأول لم يكن خطأً أو سقط سهوًا، بل أنه مقصود، والمُراد بالفقرة الحقيقية هو نهاية كانون الثاني، بمعنى أن ينتهي في الشهر الأول من العام القادم، وليس في نهايته".
ويوضح المصدر أن "وضع كلمة (الأول) بدلًا من (الثاني) كان مقصودًا لتسويف تدقيق سجلات الناخبين ووضع الجميع أمام الأمر الواقع وإجراء الانتخابات بالسجلات القديمة".
فيما أعلن نائب رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رزكار حمه محي الدين في 26 آب/أغسطس تشكيل لجنة مختصة لتطبيق ما جاء في قانون الانتخابات المحلية من مطابقة سجل الناخبين مع بطاقتي الأحوال المدنية والتموينية لساكني كركوك الذين لديهم حق الانتخاب.
من جانبه، أشار عضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم أحمد حيدر إلى أن "هناك تطمينات بمطابقة سجل الناخبين في المحافظة، إلا أننا نرفض تأجيل هذا الموضوع إلى ما بعد الانتخابات"، مؤكدًا أن "العملية سهلة جدًا ولا يمكن أن تستغرق شهرًا على الأكثر كون البيانات، جاهزة وما على المفوضية ووزارتي الداخلية والتجارة إلا مطابقة تلك البيانات لتحديد من يحق له التصويت في المحافظة".
مصدر لـ"ألترا عراق": الأحزاب الكردية وضعت كلمة كانون الأول بدلًا من الثاني بشكل قصدي لتسويف تدقيق سجلات الناخبين ووضع الجميع أمام الأمر الواقع وإجراء الانتخابات بالسجلات القديمة
لكن عضو مجلس مفوضية الانتخابات معتمد الموسوي، ورغم حديثه عن بدء تحديث سجل الناخبين لمحافظة كركوك وإجراء تقاطع البيانات التي تمتلكاه الوزارات فيما بينها للتأكد من سجل الناخبين من خلال حذف الوفيات وغيرها، إلا أنه رفض الحديث عن إمكانية اعتماد سجل النخابين الجديد في الانتخابات المحلية، معلقًا في تصريح صحفي بالقول: "الموضوع متروك للتقرير الأولي الذي ستقدمه اللجان المشتركة لمجلس المفوضين".
النازحون.. أداة انتخابية؟
على جانب آخر، يبدو أن الكتل الكردية تُحاول الضغط على كتل مجلس النواب بفتح ملف آخر فيما يتعلق بانتخابات كركوك، إذ يدّعي الحزب الديمقراطي بزعامة بارزاني أن هناك خرقًا للدستور ارتكبه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي سيتسبب بعدم مشاركة حوالي 400 ألف نازح في الانتخابات المحلية المقبلة المُقرر إجراؤها في الأول من نيسان/أبريل للعام 2020.
اقرأ/ي أيضًا: أزمة الحكومات العراقية المحلية.. صورة كاملة لصراع الكتل على الأموال والنفوذ
ويشغل ملف النازحين الكتل السياسية، لسهولة استغلال أعداد كبيرة من الذين نزحوا من المناطق الغربية والشمالية في أعقاب الحرب على تنظيم داعش خلال الانتخابات، إما بالترغيب المادي عبر المساعدات، أو الوعود بالعودة إلى مناطق سكناهم السابقة، وغيرها من الضغوط التي تمارس عليهم قبل عملية التصويت.
يتهم النائب الكردي عن نينوى شيروان الدوبرداني في تصريح صحفي، رئيس البرلمان الحلبوسي بخرق الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، وتمرير تعديل قانون الانتخابات دون قراءة أولى وثانية، ودون اكتمال النصاب"، مبينًا أن "إلزام النازحين بالتصويت في مناطقهم الأصلية بحسب المادة 16 الفقرة أولًا، صعب للغاية، حيث سيحرم 400 ألف نازح من الإدلاء بصوته في الانتخابات القادمة".
يُحدّد ذات المصدر السابق لـ"ألترا عراق" سبب اعتراض الأحزاب الكردية على تعديل قانون الانتخابات المحلية، بأن القانون سيمنع التزوير الذي حصل مرارًا في الانتخابات السابقة"، مشيرًا إلى أن "القوات الكردية ضغطت على النازحين للتصويت على مرشحي حزب بارزاني في انتخابات عام 2014، والتعديل الأخير سيمنع تكرار ذلك".
حاول "ألترا عراق" الاتصال برئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي، والنائب التركماني خليل المولى للتعليق على الموضوع، لكنهما لم يجيبا لأسباب غير معلومة.
اقرأ/ي أيضًا:
خصوم بغداد تجمعهم "المناصب" في المحافظات.. ماذا ستغيّر الانتخابات المحلية؟
"شيخ عشيرة" يشعل منافسة بين سائرون والحكمة في واسط.. مناصب دون "بكالوريوس"!
الكلمات المفتاحية

بعثة الناتو: عملنا سيستمر لأعوام بالعراق.. وندرب قواته على إغلاق الحدود مع سوريا
الاتفاق مع الحكومة العراقية على 32 هدفًا طويل الأمد لدعم مهمة الناتو في العراق