3 عوامل ستمكّن العراق من تصدير الكهرباء خلال 5 سنوات

تتحدث وزارة الكهرباء بين الحين والآخر حول خطتها الخمسية "الطموحة" لرفع إنتاج الطاقة، ومن المفترض أن تنتهي هذه الخطة في 2026 بإنتاج يقدر بأكثر من 45 ألف ميغا واط، أي رفع الإنتاج الحالي بنسبة 65%، وهو رقم كبير يطرح التساؤلات عن إمكانية تحقيقه بالفعل، فضلًا عن حقيقة الحاجة إلى هذا الرقم الكبير من الإنتاج الذي قد يفوق الكمية المطلوبة للاستهلاك.

يبلغ الإنتاج الحالي من الطاقة الكهربائية أكثر من 20 ألف ميغا واط

إلا أن تصريحات الوزارة لم تكن بصيغة "الجزم الحالم"، بل جعلت هذه الخطة مشروطة بتوفر الأموال، وهي ضرورية للتعاقدات وإنشاء المحطات والصيانة، فضلًا عن توفر خطة وقودية ويقصد بها توفر الغاز اللازم لتشغيل المحطات وعدم التلكؤ بفعل انقطاع الإمدادات من إيران كما يحصل منذ عامين.

رفع إنتاج الطاقة 65%

ويبلغ الإنتاج الحالي من الطاقة الكهربائية أكثر من 20 ألف ميغا واط، فيما تتقسم خطة الوزارة لمديات قصيرة ومتوسطة وطويلة، حيث تبدأ بإضافة 5 آلاف ميغا واط العام المقبل 2022، ومن ثم 7 آلاف ميغا واط أخرى ضمن الخطة المتوسطة ليكون المجموع 12 ألف ميغا واط، بالإضافة إلى الـ20 ألف ميغا واط الحالية ليكون المجموع 32 ألف ميغا واط، فيما تنتهي الخطة الطويلة في غضون 5 سنوات ليكون الإنتاج حينها 45 ألف ميغا واط، ما يعني إضافة 12 ألف ميغا واط أخرى عند انتهاء السنوات الـ5، ليكون مجموع ما أضيف خلال 5 سنوات 25 ألف ميغا واط على الإنتاج الحالي، وذلك يعني رفع إنتاج الطاقة 65%.

إنتاج الخطة الخمسية يفوق الحاجة بـ15%.. هل يصدر العراق الكهرباء؟! 

وبينما تبلغ كمية إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية في الوقت الحالي أكثر من 20 ألف ميغا واط، إلا أنه وبحسب تصريحات وزير الكهرباء وكالة عادل كريم، فإن العراق بحاجة إلى 35 ألف ميغا واط حاليًا لتكون الكهرباء جيدة ومستقرة.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يستهلك العراقيون ما يفوق ضعف حاجة المصريين من الكهرباء؟

وفي الوقت الذي يبلغ عدد نسمات العراقيين أكثر من 40 مليون مواطن ويحتاجون لـ35 ألف ميغا واط، هذا يعني أن كل ألف و145 مواطنًا يستهلكون ميغا واط واحد.

وبحسب بيانات وزارة التخطيط فإن عدد نسمات العراق يزيد سنويًا نحو مليون نسمة، فمن المفترض أن تكون عدد نسمات العراق بعد 5 سنوات أو في 2026 أكثر من 45 مليون مواطن، ما يتطلب طاقة تفوق الـ39 ألف ميغا واط، باعتبار أن كل ألف و145 مواطنًا يستهلكون ميغا واط واحد، إلا أن الخطة الخمسية لوزارة الكهرباء تهدف لإنتاج 45 ألف ميغا واط، ما يعني أن هناك فائضًا بمقدار 6 آلاف ميغا واط، أي أن إنتاج الخطة الخمسية أكثر من حاجة العراق بعد 5 سنوات بنحو 15%.

وبالفعل، هذا ما أعلنه وزير الكهرباء وكالة عادل كريم في مؤتمر صحفي عقد في محافظة النجف مؤخرًا وتابعه "ألترا عراق"، عندما قال إنه "إذا جرت الأمور كما خططنا لها سيكون لدى العراق خلال أربع سنوات فائض من الكهرباء بمقدار 5000 ميغاواط، وهذا يعتمد على دعم الحكومة وتوفير الوقود والتسهيلات من قبل بقية الوزارات".

ووفق الحسابات الخاصة، فإن إنتاج العراق البالغ 45 ألف ميغا واط، سيحتاجه العراق عندما تكون عدد نسماته نحو 52 مليون نسمة، وهو ما يفترض تحققه بعد نحو 12 عامًا وليس 5 أعوام، أي في 2033.

من هنا، تطرح تساؤلات عن سبب وجدوى إنتاج طاقة كهربائية تفوق الحاجة والاستهلاك، وما إذا كان العراق يريد "تصدير الكهرباء" في غضون 5 سنوات، وهو أمر ربما يثير السخرية في الأوساط الشعبية العراقية، في بلد يعاني من أزمة الكهرباء مذ نحو عقدين.

ويقول المحلل والمهتم بشؤون الطاقة علاء الأسدي، إن "هذا الرقم من الإنتاج سيحتاجه العراق ولكن بعد 10 سنوات، وإذا كانت الوزارة جدية بهذا الشيء فهو أول توجه فعلي لتقدير الحاجة وفقًا لعدد النسمات"، مبينًا أنه "إذا وصلوا إلى هذا الرقم خلال 5 سنوات فيمكن تصدير الطاقة بالفعل عبر ملف الربط الكهربائي الذي يتجه العراق له مع الخليج والأردن وتركيا أو الربط الدولي الذي يسمى (IEH)".

كيف ستضيف الكهرباء 25 ألف ميغا واط؟

ومن هنا، يجدر التعرّف على الإمكانية التي ستتيح إنتاج هذا الرقم من الطاقة، فبينما يبلغ الإنتاج الحالي 20 ألف ميغا واط، هذا يعني أن الوزارة ستكون مطالبة بإضافة 25 ألف ميغا واط إضافي.

ووفق التعاقدات الأخيرة للعراق مع عدة شركات، فإن الطاقة النظيفة "الشمسية" ستدخل للعراق 7 آلاف ميغا واط من أصل 25 ألف ميغا واط من المفترض إضافتها.

ويتبقى 18 ألف ميغا واط، سيكون إنتاجها محكومًا بقضية واحدة وهي توفر الغاز، وبحسب وزارة النفط فأن "حرق الغاز في العراق سيتوقف في غضون 5 سنوات أيضًا"، وبينما يحرق العراق قرابة 1500 مقمق يوميًا، فعند إيقاف حرقها واستثمارها، ستكون كافية لإنتاج قرابة 5 آلاف ميغا واط، وهي نفس كمية الغاز التي تصدرها إيران للعراق تقريبًا، وبذلك سيتبقى قرابة 13 ألف ميغا واط.

شفرة سرية ستضاعف الإنتاج دون الحاجة للوقود!

هنا من المفترض أن الحلول قد انتهت، وتطرح تساؤلات عن مصدر الـ13 ألف ميغا واط المتبقية، ومن أين ستأتي، حيث سيكون العراق بحاجة لبناء محطات جديدة واستيراد غاز لها بأكثر من 3 آلاف مقمق يوميًا، وهو رقم يعادل ما يستورده العراق من إيران مرتين.

إلا أن "الشفرة السرية" التي من الممكن أن تحل هذه الأزمة، وتنتج الـ13 ألف ميغا واط الإضافية دون الحاجة لكميات جديدة من الغاز ودون بناء محطات جديدة، تكمن بتقنية "الدورة المركبة"، وذلك بتحوير المحطات الحالية والمحطات الجديدة التي سيتم انشاؤها للعمل بهذه التقنية، وهو بالفعل أحد خيارات وزارة الكهرباء لرفع الإنتاج خلال السنوات القادمة.

وتتلخص فكرة الدورة المركبة، هو أن المحطات الحالية ذات الدورة البسيطة التي تنتج قرابة 5 آلاف ميغا واط باستهلاك أكثر من 1500 مقمق من الغاز، عندما يتم تحويرها إلى دورة مركبة، فأنها ستبقى تستهلك 1500 مقمق من الغاز إلا أنها ستنتج 10 آلاف ميغا واط، حيث تقوم المحطة بتشغيل تورباين على الغاز، أما الطاقة الحرارية المتولدة من التورباين الأول فأنه سيقوم بتشغيل التورباين الآخر، دون الحاجة لمزيد من الوقود الغازي، وهي تشبه المحطة التي تم افتتاحها في ذي قار في حزيران/يونيو الماضي.

الطاقة النظيفة "الشمسية" ستدخل للعراق 7 آلاف ميغا واط من أصل 25 ألف ميغا واط من المفترض إضافتها

ويبقى من غير المعلوم ما إذا كانت وزارة الكهرباء وبدعم من الحكومة المقبلة، ستنجح بتنفيذ خطتها، حيث يتوقف الأمر على توفر الأموال والوقود، وهذه مرتبطة بالإرادة، التي ستتيح توفير الأموال لمشاريع وزارة الكهرباء، ووزارة النفط أيضًا والمتعلقة بإيقاف حرق الغاز واستثماره لتشغيل المحطات.

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الكهرباء تتحدث عن خطة خلال 5 سنوات: سنصل إلى 45 ألف ميغاواط

لماذا لا تستطيع بغداد التخلي عن شراء الغاز الإيراني؟