17 عامًا على حكومات "المال والسلاح".. وهم "التحرير" ومصاديق الاحتلال
10 أبريل 2020
17 عامًا على دخول الطبقة السياسية الحاكمة بعد 2003 إلى بغداد على متن الدبابة الأمريكية، لتبدأ حفلة الجدل السنوي عند مطلع كل نيسان/أبريل بماهية سقوط صدام حسين، وهل كان تحريرًا أم احتلالًا.
وقف على باب بريمر قادة المعارضة من الأحزاب الإسلامية الممانعة اليوم، يستجدون رضاه ويتسابقون لنيل المناصب
تولى الحاكم المدني للعراق بول بريمر مهمة إدارة الاحتلال بعد إسقاط صدام حسين، فوقف على بابه قادة المعارضة من الأحزاب الإسلامية الممانعة اليوم، يستجدون رضاه ويتسابقون لنيل المناصب، هدايا وولائم تُقام لبريمر، وتغاظي متناهي عن كل ما يفعله وجنود الاحتلال في البلاد، بحسب الكاتب محمد العرب في كتابه "ما لم يذكره بريمر في كتابه".
اقرأ/ي أيضًا: التاسع من نيسان.. يوم بُعث الإرهاب
قد تُحرج أرقام الخسائر والخراب الذي خلفه الاحتلال فريق المدافعين عنه بوصفه تحريرًا، حيث يوثق كتاب (عشر سنوات هزت العام)، كيف هدمت في وقتٍ سابق طبقات هذا المجتمع، ويعتقد مجموعة مؤلفين الكتاب أنه "لم يكن استهداف الطبقة الوسطى المتخصصة "أطباء ومهندسون ومحامون صحفيون ومعلمون وقضاة... الخ"، من قبل الاحتلال الأمريكي استهدافًا عبثيًا، حيث كان لهذه الطبقة الجزء الأكبر من تفعيل الشأن الحيوي في تشغيل آلة الدولة والاقتصاد وبناء الثقافة العراقية، حيث تسببت الفرمانات الـ97 التي أقرها الحاكم المدني للعراق بول بريمر أبان الغزو بإلقاء 15.500 باحث وعالم ومدرس وأستاذ جامعي إلى البطالة، فيما تسبب قرار حل الجيش بنحو 500 ألف عاطل من العمل من أصحاب الخبرة العسكرية، فيما مارست قوات الاحتلال أسلوب "الصدمة والرعب" من خلال عقاب جماعي عشوائي للمقاومة الناشئة".
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش "قتل قرابة 370 معلم مدرسة أشهر الأربعة الأولى من عام 2006، كما قتل ما لا يقل عن 2.000 طبيب عراقي وخطف 250، و فترة بين شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر من عام 2006 قتل 180 مدرسًا بحسب معهد بروكينغر في واشنطن. ويفيد تقرير الهيئة الطبية الدولية (IMC) أن عدد المدرسين في بغداد أنخفض 80 %، ويعتقد التقرير أن أكثر من 40 % من الطبقة الوسطى العراقية هربوا خارج البلاد، ومن أصل 34.000 طبيب عراقي هرب 18.000 ألف وقتل 2.000، كما أن الأطباء والصيادلة الذين تركوا العمل وصلت نسبتهم قرابة 75 % بحسب التقرير. وذكرت صحيفة لوس انجلس تايمز في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2008، أن من أصل 6.700 أستاذ جامعي هربوا من العراق لم يعد منهم إلا 150 أستاذًا.
بالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير الصادر من معهد القيادة الدولية التابع لجامعة الأمم المتحدة في الأردن في عام 2011، تعرض قرابة 84% من مؤسسات التعليم العالي في العراق للحرق أو النهب أو التدمير في ظل الاحتلال.
في السياق، يذكر الباحثان مايكل أوترمان وريتشارد هيل وبول ويلسون في كتابهما الشهير "محو العراق: خطة متكاملة لاقتلاع عراق وزرع آخر" نتائج ثمانين شهرًا من الاحتلال الأمريكي للعراق، يذكرون فيه إحصائيات عن استشهاد 1.200.000 عراقي بينهم 2.610 من العلماء والأساتذة ممّن قُتلوا بدمٍ بارد، فضلًا عن 341 صحفيًّا. كذلك هجرة داخلية لـ 2.000.000 عراقي. وأيضًا لجوء 3.000.000 عراقي إلى دول أخرى، كل هذه الأرقام أراها في وجوه المسؤولين الأمريكيين وفي وجوه المرحبين بالتدخلات الأمريكية، كل هذه الأرقام قطرة في بحر الخراب الأمريكي. من الخيال أن يكون من صنع هذا الخراب يريد الخير لنا أبدًا. لا بتبني مطالبنا ولا بالدفاع عنا، نحن لا نثق بهم ولو فرشوا الأرض ورودًا.
تعرض قرابة 84% من مؤسسات التعليم العالي في العراق للحرق أو النهب أو التدمير في ظل الاحتلال
يدافع الكتاب انتفاض قنبر عن إسقاط نظام صدام حسين على الطريقة الأمريكية، معللًا ذلك بـ"بسيطرة الديكتاتورية على كل مفاصل الدولة والمجتمع، ما يجعل التدخل الخارجي الحل الوحيد لكنه ليس الأفضل"، مستحضرًا شواهد عالمية مثل إسقاط الزعيم النازي أدولف هتلر، والزعيم الفرنسي نابليون بونابرت وأرجنتين.
اقرأ/ي أيضًا: غزو العراق.. تفتيت الهوية وإفقار الشعب في رحلة الكذب الأمريكي
يعزي قنبر فشل نظام ما بعد 2003 خلال حديثه لـ"ألترا عراق" إلى عاملين رئيسيين: التدخل الإيراني الذي يعتبره متآمر على العراق بالإضافة إلى دول عربية أخرى، والتي دعمت القوى الشيعية بوصفها المستفيد الأول من سقوط صدام، ثاني العوامل التي يعتقدها قنبر سببًا لفشل النظام هو غياب الروح الوطنية لدى الطبقة السياسية بسبب تجذر سياسيات صدام مجتمع مما حوله إلى رمز لاحترام القضية الوطنية.
يدافع قنبر عن أمريكا في سياق الحديث عن تصديرها للديمقراطية التوافقية للبلاد، ويقول إن "أمريكا تمتلك تاريخ ممتاز بتصدير الديمقراطية، وهي مساعدة وليس تصديرًا، وأنجح التجارب كانت عن طريقها، مثل ألمانيا الغربية وتحريرها من هتلر، فيما تعاني ألمانيا الشرقية من البؤس وقتها عندما كانت تحت السيطرة السوفيتية، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية مقارنة بالشمالية الجائعة، واليابان حصلت على مساعدة أمريكا ونهضت بشكلها الحالي"، لافتًا إلى أن "الأمريكان نجحوا في تلك الدول لكنهم فشلوا في العراق ولديهم أخطاء كثيرة".
لم تدرك أمريكا أنها ستفشل في العراق، وكانت جادة في صناعة ديمقراطية حقيقة، بحسب قنبر، والذي يقول إن "إيران ساهمت بمحاربة الديمقراطية التي تعتبرها مؤامرة صهيونية ـ أمريكية، وقت الذي صنعت أمريكا الاستقرار في آسيا من خلال اليابان وكوريا الجنوبية، واستفادت منهم في شراكة اقتصادية وأمنية بالضد من الصين والاتحاد السوفيتي، ليس من مصلحة أمريكا صناعة اللا استقرار في المنطقة".
لكن الكاتب سنان أنطون، يعتقد أن "المحتل يحرص على تغليف الاحتلال بخطابٍ فضفاض عن الحريّة والديمقراطية والتقدّم، لكن ما جماعة "آسفين يا بريمر" بالتحسّر، كما دأبوا كل سنة، على الفرصة التي أضاعها العراقيون لأنّهم لم يسمحوا، بانقساماتهم وفسادهم وطائفيتهم، للمشروع الأميركي بالنجاح، ولأن الأميركيين رحلوا قبل الأوان وقبل أن يتمكنّوا من أن يفعلوا في العراق ما فعلوه يابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانيّة! يتناسى هؤلاء اختلاف السياق والتاريخ والأهداف، لكنّه "منطق الهديّة" بلسان المُسْتَعْمَر المُمْتنّ، مضافاً إليه جلد الذات الجمعيّة الذي يحل محل النقد الذاتي الحقيقي ومواجهة التاريخ".
ويرى أنطون أن "الهدف كان واضحًا منذ العام 2002 من الغزو لم يكن إنشاء نظام ديموقراطي، فتاريخ سياسات وتحالفات الولايات المتحدة يشير إلى العكس عمومًا، وبالذات منطقة، وخطر أسلحة الدمار الشامل كان أكذوبة، فكيف لبلد تم قصفه وتدمير بنيته التحتيّة وإعادته إلى العصر ما قبل "الصناعي كما قال بيكر عن حرب الخليج 1991"، ثم فرض عليه أقسى حصار اقتصادي عصر الحديث، كيف له أن يتمكّن من إنتاج أسلحة دمار شامل؟ لافتًا إلى أنه "كان الهدف هو الاستحواذ على العراق وتحويل اقتصاده إلى اقتصاد سوق مفتوح وتأسيس قواعد عسكريّة، لم تُسْقِط الولايات المتحدة النظام فحسب، بل دمّرت مؤسسات دولة عمرها قرن، ووضعت بدلاً منها نظام دولة طائفية، مؤسساتها فاشلة، تديرها نخبة فاسدة نجحت في مجال واحد، وهو تحرير ثروات العراق من أهله وإيداعها في مصارف العالم".
يعتقد الكاتب سنان أنطون أن المحتل يحرص على تغليف الاحتلال بخطابٍ فضفاض عن الحريّة والديمقراطية والتقدّم
من جهته، يرى الأكاديمي سليم سوزه أن "وصول الطبقة السياسية العراقية الحالية للسلطة كان بسبب إسقاط الولايات المتحدة الأمريكية لنظام صدام، إذ لو لم تسقط أمريكا هذا النظام، لم تكن هذه الطبقة لتصل إلى السلطة ولم تكن تتغول إيران ولا ميليشياتها المسلحة داخل الساحة العراقية" هذه علاقة سببية واضحة ومفهومة"، مبينًا انه " لو تجاوزنا هذه العلاقة السببية باعتبار أن سقوط نظام البعث أمر قد وقع وانتهى وتحدثنا عن مرحلة بناء السياسة وبناء الدولة، فستكون حصة الفشل الأكبر من نصيب الأحزاب السياسية العراقية وحكومات ما بعد 2003 لأنها تتحمل المسؤولية المباشرة عن إدارة البلد سياسيًا واقتصاديًا وإداريًا، وهي المسؤولة أخلاقيًا وقانونيًا بتوفير الخدمات والبنى التحتية لعموم مناطق العراق".
اقرأ/ي أيضًا: قتل.. تشريد ودمار: 50 صورة تروي 9 سنوات من الاحتلال الأمريكي
أخطأ بريمر في الكثير من القرارات، بحسب سورزه، والذي يقول خلال حديث لـ"ألترا عراق"، إن "ن تلك الأخطاء لم تكن محل انتقاد من القادة السياسيين العراقيين إلّا بعد أن ساءت الأمور في العراق، بل أن الجزء الأغلب من أولئك السياسيين كانوا هم من يشيرون على بريمر ويضغطون عليه لحل الجيش والأجهزة الأمنية، ولكنهم سرعان ما غيروا مواقفهم فيما بعد كمحاولة للتملص من دورهم في الخراب العراقي وألقاء اللوم على الأمريكان طالما هي الجهة الأسهل التي يمكن نقدها".
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

بعثة الناتو: عملنا سيستمر لأعوام بالعراق.. وندرب قواته على إغلاق الحدود مع سوريا
الاتفاق مع الحكومة العراقية على 32 هدفًا طويل الأمد لدعم مهمة الناتو في العراق

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات