هل المحاصصة سبب نقص الإعمار والخدمات في الجنوب؟
9 نوفمبر 2021
على الرغم من أن المحاصصة القومية والطائفية التي يستند إليها النظام السياسي الحالي في توزيعه للمناصب السيادية والحقائب الوزارية وغيرها قد أثرت على العراق كله من شماله إلى جنوبه، إلا أنني قد لا أغالي إذا قلت إن محافظات الجنوب هي أكثر من تأثر سلبًا بها، لأن القوى السياسية "الأغلبية" التي يشكل أبناء الجنوب قواعدها الشعبية لم تهتم بحقوق هذه المحافظات بقدر اهتمامها بمواقعها في العملية السياسية ومناصبها في الحكومة.
ورب قائل يقول: ولكن ليس أمام هذه القوى إلا أن تفعل ذلك، لأنها تخشى من فقدانها السلطة، ومن تغير المعادلات السياسية إلى غير صالحها، أو أن الأطراف الأخرى هي من تدفعها للجوء إلى ذلك، وللإجابة نقول إن هذا الأمر سيكون صحيحًا إذا لم يكن لهذه القوى يد في تشكيل النظام السياسي الحالي، أما وأنها هي من كان لها الدور الكبير في تشكيله، فإن الحقيقة هي خلاف ذلك تمامًا، ولعلّ ما يدعم ذلك؛ أنها هي من كان لها اليد الطولى في كتابة الدستور، وهي من سمحت بوضع مواد دستورية باتت تضر بحقوق قواعدها الشعبية، لأن ما كان يهمها آنذاك ليس سوى الحصول على السلطة وضمان الحقوق والامتيازات الخاصة بها، لا سيما وأن هذا النوع من النظام يسهل لها تقاسم المكاسب والهيمنة على العقود والمشاريع الضخمة، وإلا لماذا لا تعمل هذه القوى على تغيير هذا النظام بحكم ما لها من الهيمنة على مجلس النواب والحكومة إن كانت مضطرة عليه فعلًا؟ فهي حتى لم تساند التظاهرات التي كانت تدعو إلى مطالب عدة من بينها إصلاح النظام السياسي، ولم تجعلها وسيلة لإرغام القوى الأخرى على قبول التفاوض معها حول هذا الأمر، فقد كان بإمكانها أن تقول للقوى السياسية الأخرى إننا لا نستطيع أن نقف بوجه التظاهرات التي يقوم بها جمهور واسع من قواعدنا الشعبية، ولا مناص لنا من تبني مطالبها المشروعة، لأننا من دون ذلك سنخسر الكثير، ولكن للأسف لم تجري الاستفادة من التظاهرات لإجراء تغيير يسهم في إرساء عملية سياسية مناسبة للبلاد وملائمة لجميع الأطراف.
لكن التأثير الأسوأ للمحاصة السياسية على الجنوب، كان في ذهاب معظم الأموال التي خصصت لإعماره وتطوير الخدمات فيه إلى جيوب الفاسدين مستغلين ترهل مؤسسات الدولة وانعدام المعايير الصحيحة في توزيع المناصب، فكان أن تقلد تلك المناصب أشخاص ليسوا جديرين بها، ما انعكس سلبًا على أدائهم الذي أتسم بالضعف وعدم العلمية وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وما إلى ذلك. كما أثرت المحاصصة أيضًا على توزيع مشاريع الأعمار وتطوير الخدمات، لأن توزيع هذه المشاريع لم يعد مبنيًا على دراسات علمية وتقارير متخصصة، بل على إرادة القوى السياسية وكفاءة مسؤوليها وقدرتهم على ضمان حقوق من يمثلونهم أو تغليب مصالح جمهورهم على مصلحتهم الشخصية.
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات