من الملوك والرؤساء إلى سجائر البسطاء.. صور من العراق في أقدم عاصمة دينية!

ليس ثمة ما يربط الإنسان بوطنه ويشده اليه مثل الآثار التي تُعرف بأنها "مَوضع تُجْمَع فيه تُحَف فَنِّيَّة أَو أَثريَّة" بالإضافة إلى ذلك فإن التجول في الأماكن الأثرية يعد نوعًا من ممارسة الفلسفة البصرية، كما يسميها أهل الاختصاص، فهي رحلة تتجاوز الزمكان تعود بنا إلى حقبة ضاربة في أوج التاريخ، وتعمق من الأسئلة الوجودية، وتبحث عن  متواشجات بيننا وبين الأولين، بشكل يؤدي إلى تنشيط الذاكرة وامتداد شريطها ليتجاوز آلاف السنين، فالقطع الآثارية التي ترتبط بأرضنا هي التي صنعتنا وصنعت حياتنا بهذا الشكل. لذلك قالوا إن المدينة التي لا تضم متحفًا تعد مدينة بائسة بلا تاريخ أو أفكار ولم يكن لها نصيب في صيرورة الحضارات.

تحتضن مدينة الديوانية الكثير من المواقع الأثرية وتضم مدينة "نيبور"  التي تعد العاصمة الدينية للعراقيين قبل خمسة آلاف عام

وعلى العكس من المدن الخالية من معالم الحضارة، تحتضن مدينة الديوانية الكثير من المواقع الاثرية. وبحسب المصادر التاريخية فإن مدينة "نيبور" تعد العاصمة الدينية للعراقيين قبل خمسة آلاف عام وفيها تعلم الإنسان القراءة والكتابة، واستخدم الأختام. تقع المدينة على بعد ثلاثين كيلومترًا جنوب مركز مدينة الديوانية مركز محافظة القادسية، التي تحتضن جامعتها قاعة "نيبور" والتي تضم بدورها متحف الآثار والفنون الذي تأسس عام 2009 في جامعة القادسية.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق| "آلية المجاري وجرّة الذهب".. كنوز واسط بين إهمال الحكومة ويد السرّاق!

يقول مدير المتحف الدكتور رجوان فيصل في حديث لـ  "ألترا عراق"، إن "مهمة المتحف مهمة صعبة جدًا، فوظيفته أنه يجعل الزائر وخصوصًا هؤلاء الذين لم  يبلغوا سن الرشد يثيروا الأسئلة، وهذه العملية تتطلب جهدًا ووقتًا، ودوره هو أن يعيد إلينا الهوية الوطنية الممزقة"، معربًا عن أسفه لـ "عدم امتلاك الجيل الناشئ وعيًا حضاريًا آثاريًا"، حيث يرى أن هذا يتطلب "النزول والتواصل مع المجتمع على مستوى الأسرة"، عادًا أن من "الضرورة القصوى في وقتنا هذا وفي ظل تهميش الهوية الوطنية بشكل متعمد أن يدخل الأطفال والناشئة إلى المتاحف ليعرفوا تراثهم وحضارتهم".

و يتكون المتحف من خمسة أقسام. الأول هو مكان مصغر يشير إلى كل محتويات المتحف والتي يلاحظها الزائر فور وصوله. ويحتوي على جدارية كتب في أعلاها رجال حكموا العراق منذ تأسيس الدولة وإلى وقتنا الحاضر.

يقول الدكتور رجوان فيصل، إن "هذه الجدارية تمثل صورة من صور تاريخ العراق لرجال الحكومات الذين حكموا العراق منذ بداية تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ومجيء الملك فيصل إلى الحكم وإلى يومنا هذا".

يتضمن متحف الآثار والفنون خمسة أقسام تبدأ بجدارية "رجال حكموا العراق" وتنتهي بأعمال فنية لفنانين عراقيين  وبينهما صور تروي قصصًا من تاريخ البلاد

ويضيف فيصل: "إننا نعمل على إعداد صورة لرئيس الحكومة الحالي عادل عبد المهدي حتى تضاف مع الصور، مبينًا أن "هذه الصور تعطي انطباعًا عن التسلسل التاريخي للحكم في العراق، وتبين للزائر أن الحكم ليس غاية بل وسيلة، لذلك من الحكام من تطارده اللعنات إلى يومنا هذا لأنهم جعلوا من الحكم غاية لا وسيلة".

أما القسم الثاني، فهو قاعة الآثار التي تحتوي على قطع كثيرة تعود إلى عصور ما قبل وبعد التأريخ، تشمل العراق القديم ومصر القديمة ومنطقة الشرق الأوسط، ولكن هذه الآثار غير آصلية أو ماتعرف بالآثار "المستنسخة"، والتي وهو ما تلجأ إليه المتحاف في البلاد، كون قانون الآثار والتراث العراقي المرقم (55) لسنة 2002 يمنع ويحظر عرض أي قطعة آثار خارج المتحف الوطني التابع لوزارة السياحة والآثار في بغداد.

 اقرأ/ي أيضًا: صور| الديوانية قبل أكثر من 100 عام.. هل شاهدت قادة ثورة العشرين من قبل؟

القسم الثالث، هو قسم التراث وهو من الأقسام المهمة كما يرى مدير المتحف؛ لكونه يحتوي على قطع تراثية أصلية، ويمثل صورة مهمة من صور العراق خلال حقب زمنية مختلفة، حيث يحتوي على أبنية وأدوات مختلفة بالإضافة إلى صور لزعماء خلدهم التاريخ ومهن كانت معروفة تعرضت إلى الانقراض.

وإلى القسم الرابع الذي خصص للفنون التشكيلية من نحت وخط وزخرفة ورسم. يحتوي هذا القسم على أغلب أعمال الفنان رسمي الخفاجي والفنان كاظم نوير والفنان حسن عبد علون والفنان صفاء السعدون، وغيرهم الكثير.

القاعة الخامسة والأخيرة خصصت للخط العربي، فهي تضم عددًا كبيرًا من القطع التي تبين ظهور وتطور الخط العربي وتبين أصناف الخطوط كالكوفي والنسخ والرقعة والثلث إلى آخره من الخطوط، كذلك يحتوي هذا القسم على أدوات الكتابة القديمة التي كان يستخدمها الخطاطون آنذاك.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

آثار العراق بين "سقوطين".. إهمال الحكومة شاهد ثالث!

صور| عاقبه صدام ويحرسه صياد من عصر العبيد.. ماذا تعرف عن هذا المتحف؟