رأي

معضلة الإسلاميين المحيرة

14 مايو 2022
dfdfdfghhdd.jpg
القانون المدني في العراق ليس موضوعًا جوهريًا بالنسبة للأحزاب (فيسبوك/تعبيرية)
رعد أطياف
رعد أطياف كاتب من العراق

"في الإسلام لا يوجد فصل قاطع بين الوظائف الدنيوية والوظائف الدينية، بين القانون الشرعي والقانون المدني.." ماكس فيبر ـ الاقتصاد والمجتمع. 

تبدو العلاقة بين الحرية السياسية والشريعة الإسلامية علاقة مضطربة يشوبها التوتر وفقدان الثقة. ويتجلّى هذا التوتر بوضوح في الدستور العراقي الذي يشرع بعدم جواز تعارض أي قانون مع الشريعة الإسلامية، وبنفس الوقت لا يجوز تعارض أي قانون مع مبدأ الحرية! وبما أن هذه الأخيرة تُعد من المشاكل الاجتماعية والسياسية العويصة فسيتم انتهاكها على الدوام بلا رادع على الإطلاق. يكفي أن نراجع الإحصاءات التي تتعلق بضحايا حرية الرأي لنكتشف أن المادة الدستورية أعلاه لا زالت مشكلة عويصة.

يبقى سؤال الدولة ونظامها السياسي الديمقراطي مسكوت عنه ولا نجد له تعريفًا واضحًا بأدبيات الأحزاب الحاكمة في العراق

يمكن القول إنّ القانون المدني في العراق وبالخصوص ما يتعلق بالحريات المدنية ليس موضوعًا جوهريًا بالنسبة للأحزاب الحاكمة. حتى الدين لا يشكل أهمية قصوى لديهم إلا من حيث كونه مظلة حماية واسعة لأمثالهم. فلا ملاذ في مثل وضعنا السياسي سوى ملاذ الشريعة الإسلامية للاختباء تحت ظلّها. لذلك يبقى سؤال الدولة ونظامها السياسي الديمقراطي مسكوت عنه، ولا نجد له تعريفًا واضحًا في أدبيات هؤلاء. وعلى ما أظن لا يعتبر العراق في مثل هذه الحالة استثناء عن باقي الدول العربية وإن كانت الاختلافات نوعية بشكل عام.

الديمقراطية العلمانية الغربية على سبيل المثال، حسب أحد المنظرين الأمريكان، مفهوم مثير للمشاكل بالنسبة للإسلاميين، لأنه يقتضي في نظر الكثيرين منهم إلى موقف إلحادي بالضرورة. وهم يفسرون الاتجاهات العلمانية في الغرب على أنها تعبر عن أفول التفوق الديني. وهم يعتقدون، والكلام للمنظر، أنّ الميل السائد في الغرب نحو اعتبار ما يتعارض مع القانون فقط منافيًا للأخلاق، يحرم الغرب من القدرة على إصدار أحكام أخلاقية. وبالتالي يعزز التزام الإسلاميين بالشريعة بتصورهم، يكتب المنظر، أن الفصل بين الكنيسة والدولة يعني إلغاء العلماني للديني. ونتيجة لذلك، تظل مسالة رسم الخط الفاصل بين الحرية المدنية والمحتوى الديني في الدولة الإسلامية معضلة محيرة.

في المجتمع التقليدي أن دور الكاريزما يعزز الجاذبية السياسية لدى الناس، وبالتالي لا يهم نوعية الإطار السياسي والاقتصادي، الذي سيتبعه ذلك الشخص، حيث يكفي أنه يتمتع بجاذبية قوية وشديدة التأثير. ليس هذا فحسب، بل ستعزز الناس الكثير من الأساطير والصور المثالية فيه حتى تقربه من العصمة من حيث لا تشعر. والوقائع السياسية العراقية تشير إلى أكثر من مؤشر لهذه الحالة التي برع بها العراقيون أكثر من غيرهم. حتى الهنود يحصرون هذا التقديس في حياتهم الروحية فحسب، بينما يمتد التقديس العراقي، عند كثير من الفئات الاجتماعية إلى الوقائع السياسية، ويغدو الفعل السياسي والديني سيّان عند الجمهور، ويفوز السياسي العراقي بمسحة التقديس حتى لو لم يكن من الشخصيات الدينية. بالطبع أن صفة الدين ستضفي عليه هالة مضاعفة ومتفوقة على غيره من الدنيويين.

نرجع الى المنظر الأمريكي، إذ يقول، لا أظن أن "الإسلاميين يعتقدون بإلحاد المجتمعات العلمانية بقدر ماهي مناورة تبريرية للدفاع عن الوجود والهوية"، وقد صدق هذا المنظر بهذا الوصف الدقيق، فماذا تثبت الوقائع غير هذا النفاق والتبرير يا ترى؟ إن وجود هذا الغموض وعدم الفصل الحقيقي بين الوظيفة الدينية والسياسية في الفعل السياسي ساهم بشكل ملحوظ في تغول الخطاب الديني بوصفه فلسفة خلاصية للنخب الحاكمة، وهي لا تريد التضحية بهذه الجماهير الغفيرة التي ضحت بحرياتها ورفاهها من أجل مقولات تعزز من هويتها، وتضفي نوعًا من الوجود حتى لو كان وجودًا زائفًا مرتبط بالغير، فالتاريخ يخبرنا أن الحقيقة مرادفة دومًا للنبذ والإقصاء، أما الأوهام فهي ملاذ الجموع التي تتحول إلى قطعان سياسية حين الطلب.

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert