رأي

معاركنا التي لم تُحسَم بعد

24 يوليو 2021
9032805A-1338-43BE-9EFB-CD146E8005B0.jpg
تاريخ الاستبداد سبب الأعطاب النافذة في الذاكرة العراقية (فيسبوك/تعبيرية)
رعد أطياف
رعد أطياف كاتب من العراق

إنّ الواحد منّا يحمل في الداخل ضدّه. مظفر النواب.

منذ تشكيل الدولة العراقية وحتى هذه اللحظة، كان صراخ الناس وتذمرهم على الحكومات المتعاقبة لم يغير شيئًا في المعادلة. وفي الجانب الآخر كان فئات ليست بالقليلة تصفق للحكومة الجديدة وسرعان ما يتملكها الإحباط والأسف، فتكتشف أنها لم تكن سوى أداة استغفال للوصول للسلطة. إما تأتي الحكومة الجديدة بقوة خارجية أو انقلاب داخلي، وكلا الأمرين لا يعبران عن رغبة شعبية حقيقية، ولم يكن للناس الخيارات الكافية لاختيار النظام الأمثل. 

كل هذه العبر التاريخية لم تغير ذلك النفور الغريزي عندوالعراقيين تجاه العمل المؤسسي؛ فتاريخ الاستبداد سبب أعطابًا نافذة في الذاكرة العراقية، حتى أن أحدنا لا يمكنه ضبط إيقاع الشخصيات المتعددة التي يعاني منها! نرغب بنظام ديمقراطي عادل، ونقدس نظريًا مفهوم الاختلاف، ونعتبر الحرية من حيث المبدأ قدس اقداسنا، ونريد ذهنيًا تمثيلًا نيابيًا عادلًا من قبل تنظيمات "مدنية" خارج إطار السلطة المهيمنة. لكننا لا نقوى على مقاومة الانجرار وراء انفعالاتنا. حتى التنظيمات التي أفرزتها تجربة تشرين، تعاني من قلق واضطراب حول مستقبل حاضنتها الشعبية، لأنها حتى هذه اللحظة، تتجرع أثر الانكسارات التي منيت بها تجربة تشرين. ولا زالت تتطلع نحو هذا الجمهور الذي صرخ مطالبًا بالحرية والكرامة، أين هو الآن، ولماذا يتركها في زوايا النسيان.

إن الواقع العراقي أكثر تعقيدًا من أن تسلط عليه الضوء مقالة قصيرة، ذلك أن الانقسام سيد الموقف؛ فأحزاب السلطة، ذات البنية العقائدية الواحدة، منقسمة على نفسها، متشظية بين ولاءات خارجية، وولاءات داخلية، تجمعها قدسية الرمز على حساب "قدسية" مؤسسات الدولة. وفي الجانب الآخر، تنظيمات فتية تسعى بثقب أبرة أن تخطو خطوة واحدة خارج فلك التنظيمات النافذة. لكنها، كما قلنا، لا زالت يساورها القلق حول حاضنتها الشعبية الموعودة. ليس هذا فحسب، بل أن الانقسام تنتشر عدواه بالتساوي بين صفوف التنظيمات الفتية.

إن الفضاء التداولي الذي وجد فيه العراقيون متنفسهم الوحيد هو مواقع التواصل الاجتماعي، تاركين هذه التنظيمات الفتية يعتصرها ألم الخلان وغياب الثقة.  حتى أننا لم نشهد أي فعالية جماهيرية مؤيدة لهذه التنظيمات. ولو كانت هذه الطاقة الهائلة المهدورة في مواقع التواصل الاجتماعي مُكَرّسة لدعم التنظيمات الجديدة لكان الأمر مختلفًا للغاية. سوف تشعر هذه التنظيمات أنها على الأقل لا تقف على أرض هشّة، ولها من الرصيد الجماهيري ما يمنحها الثقة الكافية  بالنفس لتكوين جبهة سياسية معارضة. لكننا ابتلينا بهذا الداء العضال: ننظر للحياة السياسية بمنظور الخير والشر، في حين ينبغي النظر لحقل السياسة بما وراء الخير والشر.  ما أعنيه هنا هو شيوع حالة التصورات الطهرانية حول طبيعة التنظيمات التي تمثلنا مستقبلًا؛ نرغب بكائنات ملائكية معصومة من الزلل. لكن أكثر ما أخشاه هو أننا لا نريد لا هذه ولا تلك، بمعنى أننا لا نعرف ماذا نريد بالضبط.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تشرين والمجتمع العراقي: طبيعة التفرقة والتوحد

السلطة وأتباعها: وجهان لعملة واحدة

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert