مراجعة لأرقام تقرير الأمم المتحدة.. 3 تصورات حول طريق "ملاحقة قتلة المتظاهرين"
2 يونيو 2021
ألترا عراق ـ فريق التحرير
على وقع الحملة العراقية المستمرة الضاغطة تجاه معرفة قتلة المتظاهرين والمطلب الوحيد نحو "إنهاء الافلات من العقاب"، كشفت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن أوراقها المتعلقة بهذا الملف، والتي كشفت بشكل واضح عن 4 محاور بعضها يثير علامات استفهام والأخرى تمثل عقبات قوية أمام إمكانية تحقيق العدالة.
تشير بعثة الأمم المتحدة في تقريرها إلى 1966 قضيّة متبقية، لم يقدم مجلس القضاء الأعلى معلومات عن حالات هذه القضايا
ويظهر بشكل جلي من خلال تقرير البعثة، 3 محاور هامة، تعطي تصورًا عن شكل سير هذا الملف في العراق، متمثلة بغلق القضايا لتقييدها ضد "مجهول" وتنازل ذوي الضحايا عن الشكاوى بفعل ضغوطات، وهو ما تفسره الأرقام بإحالة 9% فقط من القضايا للمحاكم الجنائية، و47% قيد التحقيق، وغلق 13% من القضايا فيما لا تزال 24% من القضايا مجهولة المصير.
اقرأ/ي أيضًا: من الدفاع عن عبد المهدي إلى "التخادم مع القتلة".. بلاسخارت بمواجهة المحتجين
وبينما كشفت البعثة في تقريرها عن مثال أولي يعد نموذجًا واضحًا عن مقدار التماهل في هذا الملف، حيث جاء في التقرير أن اللجنة التحقيقية الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2019، بالرغم من تحديدها 44 منتسبًا وضابطًا في القوات الأمنية مسؤولين عن مقتل وإصابة المتظاهرين خلال الأيام الأولى للاحتجاجات، إلا أنه لم يجر سوى عدد محدود من التحقيقات والمحاكمات القضائية، وجاءت أغلب التصويات بإيقاع عقوبات انضباطية وإدارية فقط، فضلًا عن عدم توفر معلومات حول ما إذا تمّ استكمال أو إجراء تحقيقات مع حرّاس مكاتب الأحزاب السياسية التي فتحت النار تجاه المتظاهرين المتجمهرين أمام هذه المكاتب في عدد من المحافظات، فضلًا عن عدم توفر معلومات عما إذا توصلت السلطات الحكومية لنتائج معرفة الجهات التي تقف وراء قضية "قنص المتظاهرين" في مبنى مهجور بالقرب من محطة وقود الكيلاني في منطقة مول النخيل، خصوصًا بعد وجود رصاصات من عيار 5.56 ملم في موقع القنص.
هذا النموذج الأولي، يعطي تصورًا عن باقي القضايا وكيفية التعامل معها فيما يخص محاسبة وملاحقة قتلة المتظاهرين، الأمر الذي توضح تفاصيله أجوبة مجلس القضاء الأعلى على رسالة وصلته من بعثة الأمم المتحدة وكشف عنها التقرير.
البعثة طالبت في رسالتها إلى مجلس القضاء الأعلى، إجابات عن عدد التحقيقات القضائية وأوامر القاء القبض وعدد المتهمين المحتجزين وأحكام الإدانة الصادرة، قبل أن يجيب مجلس القضاء الأعلى بأنه تم رفع 8163 قضية تتعلق بجرائم "مزعومة" مرتبطة بالتظاهرات منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وحتى 31 آذار/مارس 2021.
47% من القضايا قيد التحقيق.. و9% فقط أحيلت للمحاكم الجنائية
وبحسب رد مجلس القضاء الأعلى الذي ضمنه تقرير بعثة الأمم المتحدة، فإن 3897 قضية مازالت قيد التحقيق، مايعني نحو 47% من مجمل القضايا المرفوعة ما زالت في طور التحقيقات، وهو رقم كبير يعادل نحو نصف عدد القضايا، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن سبب احتياج هذا العدد من القضايا لهذا الوقت الطويل من التحقيقات.
يقول الخبير القانوني علي التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "التحقيق في جرائم كهذه والتي تتعلق بالقتل وإحداث عاهة وضرب مفضي إلى الموت، تحتاج إلى إجراءات طويلة وتستهلك وقتًا خصوصًا قضايا القتل، حيث تحتاج إلى نتائج الطب الشرعي التشريحي وإفادة المدعي بالحق الشخصي، إفادة الشهود كشف الدلالة والكثير من الأمور خصوصًا إذا كان المتهمون بها تابعون لجهات أمنية وحكومية، وبالرغم من احتياجها لوقت طويل إلا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم".
وتضمنت إجابة مجلس القضاء الأعلى، وجود 783 قضيّة أحيلت إلى محاكم جنائية ومتخصصة، وهو ما يمثل 9% فقط، فضلًا عن إحالة 37 قضية إلى محاكم الجنح وقد بُرئت أو انتهت بدفع غرامة، بالإضافة إلى 345 حالة إفراج مشروط و13 قضية تتعلق بإلحاق أضرار بالممتلكات في مرحلة الاستئناف أو قيد التنفيذ حاليًا.
24% من القضايا مجهولة المصير.. و13% "أغلقت"
ذكرت إجابة مجلس القضاء الأعلى على رسالة بعثة الأمم المتحدة، أرقامًا هائلة عن قضايا أغلقت وأخرى لم تفصح عن مصيرها، حيث أورد تقرير بعثة الأمم المتحدة أن 1122 قضيّة أغلقت، وبينما لم يذكر مجلس القضاء الأعلى سبب اغلاقها، إلا أن نحو نصف هذه القضايا أغلقت لأن الشكاوى فيها مقيدة "ضد مجهول"، حيث يبين تقرير البعثة أن "مجلس القضاء الأعلى لم يقدم السبب وراء إغلاق جميع القضايا لكنه أبلغ عن إغلاق 451 قضية على الأقل بسبب نسبتها إلى "جناة مجهولين"، وتلمح المعلومات التي تم تقديمها سابقًا لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من قبل مصادر أخرى إلى أنه تم تسجيل 1831 حالة على أنها منسوبة إلى "جناة مجهولين" في بغداد وحدها".
وهو أمر الطبيعي وسط ما شهدته أحداث تظاهرات تشرين بهجوم مجموعات مسلحة غير معروفة على المتظاهرين في أوقات مباغتة، مثلما حصل في "مجزرة السنك".
وقد تقف قضيّة أخرى وراء إغلاق هذه القضايا، تتمثل بتنازل ذوي الضحايا عن الشكاوى بفعل ضغوطات وتهديدات وانهاء القضايا بدفع ديّة إلى ذوي المقتول، حيث ذكر تقرير البعثة، أن "من بين 47 أسرة تمت مقابلتهم، أبلغت خمس أسر عن عرض الدية، وقد تنازلت على الأقل ثلاث أسر عن قضايا في المحاكم الجنائية نتيجة ذلك، فيما أفاد الضحايا ومحامون بوجود بيئة يسودها الخوف والترهيب فيما يتعلق بمتابعة المساءلة عن الجرائم المتعلقة بالتظاهرات خاصة تلك المنسوبة "للعناصر المسلحة المجهولة الهوية".
فضلًا عن ذلك، تشير بعثة الأمم المتحدة في تقريرها إلى 1966 قضيّة متبقية، لم يقدم مجلس القضاء الأعلى معلومات عن حالات هذه القضايا، ما يجعلها مجهولة المصير.
مسألة جوهرية أشارت إليها البعثة في تقريرها، تتعلق بـ"عدم تفريق" مجلس القضاء الأعلى بين القضايا المتعلقة بقتل المتظاهرين، وتلك المتعلقة بالاتهامات التي تطال المحتجين في مسائل ارتكبوها قبيل حرق الإطارات ورشق الحجارة وإشعال النار في المباني، ما يعني أن القضايا التي تم حسمها أو إصدار الحكم فيها ربما وقعت على متظاهرين بالأصل وليس العكس.
قضايا ضد مجهول وفرض التنازل عن الشكوى.. عقبات بوجه تحقيق العدالة
ويظهر بشكل واضح أن مسألة تقييد القضايا ضد مجهول فضلًا عن الضغوطات للتنازل عن الشكاوى، يقفان كعائق قوي أمام تحقيق العدالة، فيما تقول البعثة إنها "تدرك أن التحقيقات في الحوادث المنسوبة إلى جماعات مسلحة تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة بما فيها العناصر المسلحة مجهولة الهوية، يمكن أن تكون مليئة بالتحديات ومعقدة وطويلة الأمد من الناحية الفنية، مع ذلك، فإن عدم أحراز أي تقدم ملموس يثير القلق".
وهو الأمر الذي يفسر بشكل واضح سبب تأخر التحقيقات وتسويف بعضها وحسم الملفات المتعلقة بها.
من جانبه يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "المؤشرات التي تضمنها تقرير بعثة الأمم المتحدة عن وجود تنازل عن الشكاوى فضلًا عن تقييد الجرائم ضد مجهول، توحي إلى وجود إرادة سياسية قد تكون أقوى من السلطة القضائية في فرض سيطرتها على مسارات التحقيق، خصوصًا وأن هناك جهات متورطة بقضايا قتل المتظاهرين وملاحقة الناشطين وبالتالي تبين بما لا يقبل الشك أن قضية الإفلات من العقاب ليست إرادة مؤسساتية وإنما هيمنة جهات تعتقد نفسها أنها فوق الدستور والقانون".
يقول إحسان الشمري إن تقييد الجرائم ضد مجهول، توحي إلى وجود إرادة سياسية قد تكون أقوى من السلطة القضائية في فرض سيطرتها على مسارات التحقيق
ويشير الشمري إلى أن "هذا بحد ذاته يعطي مؤشرًا للأمم المتحدة أن العراق ليس بلدًا ديمقراطيًا أو أنه يتمتع بدولة مؤسساتية يمكنها من خلالها التعاطي مع هكذا قضايا"، معتبرًا أن "هذه المؤشرات كفيلة بأن تحفز الأمم المتحدة لأن تكون هناك إجراءات أخرى خصوصًا إذا لم تجد الأمم المتحدة أن العقاب سيطال هذه الجهات واستمرت مسألة الإفلات من العقاب وتسوية هذه القضايا وغلقها، فكل هذا يضطر الأمم المتحدة لنقل القضايا لمحكمة الجنايات الدولية أو استصدار قرار أممي بذلك لأن استباحة القتل والاطمئنان لعدم الملاحقة قد يحفزها لاتخاذ إجراءات ضد هذه الأحداث".
اقرأ/ي أيضًا:
لجنة تقصي الحقائق "الصامتة" أمام التساؤلات.. هل يقع "الحدث المنتظر" في تشرين؟
مفوضية حقوق الإنسان تكشف تطورات قضية معتقلي احتجاجات 25 آيار
الكلمات المفتاحية

بعثة الناتو: عملنا سيستمر لأعوام بالعراق.. وندرب قواته على إغلاق الحدود مع سوريا
الاتفاق مع الحكومة العراقية على 32 هدفًا طويل الأمد لدعم مهمة الناتو في العراق

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات