رأي

محافظات الجنوب.. الإهمال من الحكومات

21 أكتوبر 2021
اااااااااااااااااااااا.jpg
هناك تباين صارخ في الثراء بين المحافظات العراقية (فيسبوك)
باسم محمد حبيب
باسم محمد حبيب كاتب من العراق

يعتقد البعض أن عدم حصول محافظات الجنوب على حقوقها وعدم مساواتها مع المحافظات الأخرى في الأعمار والخدمات هو نتاج فشل وتقصير في الإدارة والأداء، وهذا غير صحيح على الإطلاق، بل الصحيح أنه نتاج نظرة دونية لهذه المحافظات ولسكّانها! إذ خلق العقل السياسي شعورًا بأن سكان هذه المحافظات لا يستحقون ما يستحقه سكان المحافظات الأخرى من بناء وأعمار وتطوير، وهذا الأمر ليس وليد اليوم، بل وليد عصور وعهود مختلفة، لكن ما يثير الغرابة هو عدم تغيير هذه النظرة وهذا السلوك على الرغم من وصول أشخاص من أصول جنوبية للحكم، الأمر الذي يستدعي مناقشة مسهبة لهذا الأمر.

إن أول شيء يجب مناقشته هو التباين الصارخ بين ثراء هذه المحافظات والفقر الصارخ لغالبية سكانها، إذ عانت هذه المحافظات منذ أمد بعيد من هذا التباين على الرغم من خصب أرضها ووفرة مياهها واحتواء أراضيها على ثروات معدنية كبيرة، على رأسها النفط الذي يعد المصدر الأساس للدخل الوطني، وفيما أدت هذه الثروات إلى تمتع الحكام وأسرهم وبطانتهم بمستوى معاشي مرتفع وحياة رغيدة، عانى معظم السكان من الفقر والجهل والمرض، حتى باتت هذه المنطقة أكثر منطقة طاردة للسكان في البلد بعد أن أخذ كثير من أبنائها بالبحث عن لقمة العيش والحياة الكريمة في مناطق ومدن أخرى على رأسها مدينة بغداد التي استقبلت لوحدها عشرات الآلاف من العوائل. 

لقد تعرض أبناء هذه المناطق لأشكال مختلفة من الاستغلال، من بينها الاستغلال الذي مارسه الأقطاع ضد طبقة الفلاحين الذين يمثلون في تلك العهود الغالبية العظمى من السكان، فلكون الزراعة كانت تشكل الحرفة الأساسية للناس في العهود التي سبقت إكتشاف النفط فقد أصبحت مركز اهتمام الحكومات التي هيمنت على البلاد، ولأن معظم هذه الحكومات كانت أجنبية غريبة عن سكان البلد، فقد كان عليها الاعتماد على عدد قليل من الأشخاص ليكونوا حلقة وصل بينها وبين الفلاحين ، فأصبح بعض هؤلاء نتيجة دعم تلك الحكومات لهم  طبقة مستغلة (بكسر الغين)، فتسببوا بآلام ومعاناة كبيرة للفلاحين دفعتهم للهجرة وترك أرضهم، فضلًا عن الانتفاض والثوران الذي كان يكلفهم دماء كثيرة، ونتيجة للفقر المدقع لغالبية السكان، فقد اضطر كثيرًا منهم للعمل الشاق مقابل أجور قليلة، فأصبح ينظر لمحافظات الجنوب على أنها مصدر للعمالة الرخيصة التي لا تخلو منها  محافظة من المحافظات، كما اضطر الكثير منهم أيضًا للتطوع كجنود، فكان من نتائج ذلك فقدان الكثير منهم لحياته أو تعرضهم للإصابة والعوق الذي أنتج كثرة في الأرامل والأيتام، فضلًا عن زيادة شريحة الفقراء المحتاجين.

أما الأسباب التي تسببت بهذه المعاملة المجحفة من الحكومات فيأتي في مقدمتها ما أنتجه الاستغلال الطويل الذي عانت منه هذه المناطق من سعي البعض لكسب الحماية بالولاء لأشخاص يملكون ما يفتقده هؤلاء من عوامل القوة والنفوذ ما جعلهم غير قادرين على مطالبة هؤلاء بحقوقهم، فضلًا عن شيوع المغالات في القناعة الذي أشعر من بيده السلطة والنفوذ، بأن هؤلاء يمكن إرضاؤهم بالقليل، هذا بالإضافة إلى الانقسام وشعور البعض بأنه أفضل من البعض الآخر وعدم الثقة بالنفس وبالقدرات والإمكانات، وما إلى ذلك من الأسباب التي تحتاج إلى دراسات كثيرة معمقة. لذا لا يمكن للتغيير أن يتحقق من دون أن يشعر من يملك القرار بأن لهؤلاء الناس حق مثلما لغيرهم، وأن مطالبهم تستحق أن يتمّ الاهتمام بها وتلبيتها مثلما تستحق ذلك مطالب غيرهم، وهذا لن يحصل من دون أن نطالب بحقوقنا ونقدمها على أي شيء آخر. 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ماركس في ضيافة "الشروكية"

أهل الجنوب.. شعب الله المُحتار!

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert