كنز بابلي دفين.. رقيم طيني يعيد كتابة تاريخ علم المثلثات

يختص علم المثلثات أو حساب المثلثات، وهو أحد فروع علم الهندسة العامة والرياضيات، بدراسة الزوايا والمثلثات والتوابع المثلثية كالجيب والجيب التمام.

ولهذا العلم تاريخ قديم يثير الكثير من الجدل حول واضعي اسسه ومناهجه. وبعيدًا عن علم المثلثات وبالعودة إلى الفترة 1900 - 1910 يوم كان العراق تحت سلطة الدولة العثمانية، زار العراق الأكاديمي والآثاري والمغامر الأمريكي إدغار بانكس.

يسبق اللوح فترة اليوناني هيبارخوس الذي يعتبر الأب المؤسس لعلم المثلثات بأكثر من 1000 عام

كان إدغار بانكس معروفًا بمغامراته ويشبه البعض بالشخصية السينمائية أنديانا جونز، حتى أنهما يشتركان بارتداء نفس القبعة. عثر بانكس على رقيم طيني بابلي يشبه في تفاصيله الطلاسم والألغاز، وفي وقت لاحق باعه إلى جامع للتحف الشهير جورج آرثر بليمبتون.

بمرور الزمن سمي هذا اللوح بـ "Plimpton 322 - بليمبتون 322" إلى أن استقر وغدا من مقتنيات جامعة كولومبيا في نيويورك الآن. وخلال مئة عام وأكثر ظل هذا الرقيم لغزًا محيرًا لدى المختصين والباحثين، حتى عكف عليه فريق من علماء الرياضيات من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، يقودهم عالم الرياضيات الأسترالي الدكتور دانيال مانسفيلد من أجل ترجمته.

يقول مانسفيلد، وفق تقرير جديد، "كان اللغز لماذا أنجز البابليون القدامى هذه المهمة المعقدة في توليد وفرز الأرقام على هذا الرقيم. كشف بحثنا عن استخدام البابليين طريقة جديدة في علم المثلثات تعتمد على النسب وليس الزوايا والدوائر. إنه عمل رياضي رائع، يكشف عن عبقرية لا شك فيها".

ويضيف مانسفيلد، "لا يحتوي الرقيم الطيني البابلي على أقدم جدول مثلثي في العالم فحسب، بل هو الجدول المثلثي الوحيد الدقيق تمامًا، وذلك بسبب المنهجية البابلية المختلفة جدًا في الحساب والهندسة".

مانسفيلد يرى، أنّ الرياضيات البابلية وإن عفا عليها أكثر من 3000 عام، لكن لها تطبيقات عملية ممكنة في المسح، ورسومات الكمبيوتر، والتعليم في عصرنا. يقول مانسفيلد إنّ "هذا مثال نادر على أنّ العالم القديم يعلمنا شيئًا جديدًا".

يفتح الرقيم طرق جديدة لتعليم الرياضيات بطرق مغايرة مع تطبيقات عملية ممكنة في المسح ورسومات الكمبيوتر

يسبق اللوح فترة اليوناني هيبارخوس، الذي يعتبر الأب المؤسس لعلم المثلثات. ويقول عالم الرياضيات الأسترالي نورمان ويلدبيرجر، أحد أعضاء فريق جامعة نيو ساوث ويلز، "لقد سبق البابليون جهود هيبارخوس بأكثر من 1000 عام".

ويضيف، أنّ "هذا الرقيم يفتح إمكانيات جديدة، ليس فقط لأبحاث الرياضيات الحديثة، ولكن أيضًا لتعليم الرياضيات بطرق مغايرة. مع الطريقة البابلية نرى حساب مثلثات أبسط، وأكثر دقة، وبمزايا واضحة".

ويشدد ويلدبيرجر على أنّ "الرقم الطينية البابلية كنز دفين، ولكن لم يتم دراسة سوى جزء بسيط منها حتى الآن"، ويقول إنّ علم الرياضيات "سيستيقظ على حقيقة أن هذه الثقافة الرياضية البابلية القديمة والمعقدة للغاية ما زال لديها الكثير لتعلمنا إياه".