عن ثقافة النسخ واللصق: "المعارضة" العراقية أنموذجًا
21 أغسطس 2022
من ضمن الخطايا التي نقع فيها ونحن في طريقنا نحو التفوق الموهوم، هو تلك الصدمة غير المبررة تجاه الجماهير الدينية وهي تذوب في قادتها الدينيين والحزبيين. هل خلت ثقافتنا يومًا من هذا الجموح؟ أليس تاريخنا السياسي هو تاريخ التصفيق والتغني والتطبيل للمستبد؟ هل كنّا مجتمعًا ليبراليًا دون أن نعلم؟! ألم تكن الجماهير طوال تاريخنا السياسي تتغنى باسم الجلاد بوصفه "الأب" و"الحامي"، سواء كان هذا الأب يساري أم قومي؟ هل خلا تاريخنا السياسي الأسود يومًا سطوة الميليشيات؟!
المجتمع لا يأخذ زمام المبادرة ما لم تتوفر له نخبة صادقة وحقيقية ترتفع عن صغائر الأمور
لم يكن الأمر سوى تبدّل بالأدوار واختلاف بالأشكال التعبيرية؛ فذاك يسلخ الجلود ويعلق على المشانق ويسحل في الشوارع وينقلب على نظام الحكم باسم الشعب والثورة، وهذا يقتل ويصفي ويغتال باسم الدين والمذهب ثم يبكي على استشهاد الإمام الحسين ويتغنّى بزهد الإمام علي بن أبي طالب. في حين لم يحظ الأنبياء والرسل والأئمة بمثل هذه السلطة التي يتمتع بها هؤلاء.
لذلك قدر الإمكان أحاول أن أعصم نفسي من هذا الذهول المفتعل كما لو أن العراق كان ضاحية من ضواحي فرنسا.
ألم تثبت الأحداث أننا لا نقل فوضوية وفسادًا عن هؤلاء؛ ففساد الروح والأخلاق لا يقل خطورة عن باقي أشكال الفساد. فساد الثقة المعدومة، وفساد تخوين أحدنا للآخر، وفساد الارتجال والتسرع ونفاذ الصبر. ما هي المصيبة التي تعوّق واقع "القوة المعارضة"؟ ألا يوجد لدينا، إعلاميون، ومثقفون، وأكاديميون، وناشطون، يسجلون رفضهم اليومي ومعارضتهم المستمرة للزمرة السياسية الحاكمة في مدوناتهم الشخصية في العالم الافتراضي، وينتشون بعبارات المديح والثناء التي ينثرها عليهم جمهورهم؟! إذا كان عذر الأكاديميين يتمحور حول اكتفائهم بإنتاج الفكر، فلماذا فشل غيرهم في تنظيم أنفسهم؟
أعتقد أن هذا السؤال هو ما ينبغي أن ننشغل بتفاصيله، لا أن نتوهم تميّزًا كاذبًا ونسرد أحداثًا لا يوجد فيها شيء جديد. نظام سياسي فاسد، وإقطاعيات سياسية فاسدة، وميلشيات مسلحة، ودولة منهارة، هل من جديد في تاريخنا السياسي؟ ربما يكمن الجديد في زيادة رقعة الفساد وكثرة "الآباء"، وتبدل الجماهير: من جماهير يسارية وقومية إلى جماهير دينية.
المجتمع لا يأخذ زمام المبادرة مالم تتوفر له نخبة صادقة وحقيقية ترتفع عن صغائر الأمور وتتجاوز خصوماتها الشخصية ذات الطابع الصبياني.
علينا أن نعثر على العلاج الشافي لهذا العجز المطبق الذي نعاني منه. إذ كلما انتصرنا وأخذنا الزهو لما نقرأه من تجارب الأمم المتقدمة سرعان ما يتحطم أمام صخرة الواقع العراقي الصلبة. ذلك أن الواقع شيء والموضة الفرنسية شيء آخر!
مجتمع تربى بحضن الاستبداد لعقود طويلة لا يحفزه العالم الافتراضي ولا تحفزه الخطابات الطائشة وإنما يحفزه النموذج العملي
هذا العجز ينبغي أن يفتح لنا آفاقًا جديدة لفهم واقعنا مثلما هو لا كما تريد رغباتنا المتوقدة. وعند ذاك ربما نعثر على الخطوة الواقعية التي تدفعنا نحو تنظيم سياسي عقلاني يجمع كل هذا الشتات المتناثر في معتقلات العالم الافتراضي، ويغادرنا هذا "البطل الثوري" المُتخَيَّل إلى غير رجعة. هذا البطل، حسب تعبير فوزي كريم، الذي "لا يمت لإنسان الحياة اليومية بصلة. أنه بطل ينتسب لشريحة أو نخبة لا وجود لها في الحقيقة الأرضية". أنه بطل الحداثة الكاذبة الذي ابتلعه العالم الرقمي.
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات