طواحين دون كيشوت
12 نوفمبر 2021
لقد فعلها الناس لكنّنا، للأسف، لم نلحظ فعلهم بما يكفي من التركيز، نحن الصحفيين أو المراقبين أو المحللين، لم ننتبه إلى ما فعله الناس عندما أطاحوا بالأعم الأغلب من الرؤوس السياسيَّة، ممن يعتقدون بأنها قادتهم إلى كل هذا الدمار. نعم الجماهير فعلت ذلك، وإذا لم تصدقوا هذه الحقيقة، فما عليكم سوى أن تحسبوها كما حسبتها أنا مساء أمس، عندما استعرضت قائمة الأحزاب التي دخلت العراق سنة 2003 أو تشكلت بعد ذلك ثم تفحصت حالها السابق والحال الذي آلت إليه الآن.
الشلل الذي يصيب حزب ما لمجرد مغادرته السلطة يكشف عن أنه من دون برنامج معارضة
حزب الدعوة تنظيم العراق، المجلس الأعلى، الحزب الإسلامي، حركة الوفاق، المؤتمر الوطني، جبهة الحوار، حركة كوران، الحزب الشيوعي الكردستاني، إلى غير ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: خطوة إلى الأمام.. أو الخلف
هل تلاحظون معي أن بعض هذه الحركات أخذت تدخل متحف الذاكرة السياسية العراقية، وبعضها الآخر على وشك الدخول؟ طيّب من فعل بها ذلك؟ الناس فعلوا ذلك، الجياع والعراة والحفاة، الأيتام والأرامل والفقراء ووو. ممن نسميهم بالأغلبية الصامتة، ومن نغفل عن أدائهم لأنهم صامتون، ليس لأنهم غير قادرين على الصراخ، بل لأن صراخهم واطئ ولا يصل إلينا، على الأغلب لأنهم خائفون، أو بعيدون عن اهتمامنا. ولذلك يضطرون إلى الصراخ داخل صناديق الاقتراع. الصناديق التي ستطيح بمن لم تزل مطاولته، حتى الآن، أكبر من قدرة الانتخابات على التغيير.
المهم في هذا الموضوع ليس فقط ما فعله الناس بالكيانات، بل ما فعلته الكيانات بنفسها، فالناس أبعدوها عن السلطة، أما ما فعلته هي، فهو أنها ماتت أو تكاد بسبب ذلك. والسؤال: هل يكفي أن تُبعد حزبًا عن السلطة لكي يموت؟ طبعًا لا، لأن الأحزاب تتأسس وتعمل للتنافس على السلطة، وعليه فأمر وصولها إلى السلطة يبقى مؤقتًا، فتخرج منها لتعود إليها، ما يعني أن قدرتها على التنافس مع أحزاب السلطة يجب أن تكون مستمرة. إذًا لماذا ماتت هذه الكيانات أو كادت؟ والأهم من ذلك كيف استطاعت أن تعيش زمن صدّام حسين، حيث كانت خارج السلطة ولا تحلم بالوصول إليها؟ هل يمكن أن يكون اتهام بعضها بأنها كانت مجرد صناديق لجمع التبرعات اتهاما حقيقيًّا؟ شخصيًّا أظن أنه اتهام لا يكشف عن كل الحقيقة، لكن دعوني أترك جواب السؤال تحت عنايتكم وأنتقل بكم إلى زاوية ثالثة من زوايا موضوعنا لا تقل أهمية عن زاوية صناديق الاقتراع أو زاوية موت الأحزاب. تلك هي زاوية برنامج المعارضة. فالشلل الذي يصيب حزب ما لمجرد مغادرته السلطة يكشف عن أنه من دون برنامج معارضة، وهنا، وقبل أن أكمل، دعوني ألحق الحزب الشيوعي العراقي بقائمة هذه الكيانات، فصحيح أنه لم يمت، لكنه مثلها من جهة افتقاره لبرنامج المعارضة، إذا ذكّرنا أنفسنا بأن المعارضة ليس بيانات استنكار، أو تحليل سياسي على الفضائيات، ولا هي فقط مشاركة حاشدة في التظاهرات. برنامج المعارضة، كما أفهمه، هو دراسة سياسية اقتصادية اجتماعية تشخّص مشاكل البلد وتضع خططًا لمعالجتها يتم تنفيذها عبر خطوات عمل مقيّدة بجدول زمني.
وإذا كان لدى أي من هذه الكيانات برنامج للمعارضة، فأين نتائجه على الأرض؟
هذا ليس مقالًا للانتقاد، بل دعوة للمراجعة والعمل، دعوة إلى تأسيس جهد معارض بشكل حقيقي وفاعل، جهد قد يساعد بعض الأحزاب في التكفير عن أخطاءها، ولا أقول جرائمها، المرتكبة بحق الناس، فضلاً عن أنه قد يساعدنا على الخروج بأقل الخسائر من مرحلة ما بعد تشرين التي تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
اقرأ/ي أيضًا:
نظرة على المتغيّرات الانتخابية.. وماذا بعد؟
شعار انتخابي ذوبته النتائج.. "قوى الدولة" تنطق بخطاب الفصائل المسلحة
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات