سياسة

سنة العراق..خيارات منتهية الصلاحية

23 يونيو 2016
GettyImages-534707170.jpg
نازحون من الأنبار (أحمد الربيعي/أ.ف.ب/Getty)
مصطفى سعدون
مصطفى سعدون صحفي من العراق

كان المجتمع السُني الذي يُشكل ثاني أكبر مكون بعد الشيعة في العراق، مستقرًا قبل عام 2003، لكنه بعد ذلك التأريخ لم يعد سوى مكون أُلبس ثوب الإرهاب عنوة، فكان ما كان.

المجتمع السُني العراقي مجتمع نازح مبعثر يحتاج مساعدة للملمة أوراقه، وإعادته إلى مناطقه، كما حاجته إلى خطوات بناء ثقة مع الآخر

مع دخول القوات الأميركية للعراق ومجيء قوى المعارضة الشيعية برفقتها، شعر السُنة بأن هناك شيء ما سيحدث ضدهم وعكس إرادتهم بتوافق شيعي - أميركي. فما كان منهم إلا  أن رفضوا الإحتلال والنظام السياسي الجديد.

اقرأ/ي أيضًا: هدنة حلب..هل توقف زحف المعارضة في الريف الشمالي؟

مع موجة المقاومة التي اتضحت من خلال عمليات عسكرية نفذت من قبل جماعات سُنية مسلحة ضد القوات الأمريكية والقوات الأمنية العراقية، لم تعد المناطق السُنية خاصة ذات الطابع الإسلامي، آمنة بالنسبة للكثير من العراقيين.

إستغلت قوى سياسية سُنية نفور السُنة من العملية السياسية، وما آل إليه الوضع بعد دخول القوات الأمريكي للعراق، وراحت تُتاجر بحالة الغضب الشعبي وعدم الإقتناع بالنظام السياسي الجديد، ونجحت بذلك في إيصال قياداتها لمناصب مهمة في الدولة العراقية.

ومع أن كان هناك حضورًا كبيرًا لشخصيات "تُمثل السُنة" في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003، لكن ذات الشخصيات والمجتمع السُني اعتبروا أنفسهم "مهمشين". والحقيقة أن الشخصيات السياسية لم تكن مهمشة، لكن المجتمع السُني بقي مهمشًا، فالصور النمطية وحملات الاعتقالات التي حصلت له، كان لها أثر سلبي في بروز جماعات إسلامية متطرفة داخل تلك المدن.

المناطق السُنية التي كانت تتظاهر للمطالبة بحقوق اجتماعية وإلغاء بعض الإجراءات الأمنية التي كانت على أساسها تتم الاعتقالات، وجد فيها تنظيم "داعش" أرضية رخوة ومناسبة لتواجده هناك، فبدأ يبحث عن تأييد الغاضبين من الحكومة "الشيعية" لتوسيع قاعدته.

اقرأ/ي أيضًا: هل تتحول داعش لنسخة أخرى من القاعدة؟

ومع بدء سيطرة التنظيم المتطرف على أكبر ثلاث مدن سُنية (الأنبار -نينوى- صلاح الدين)، بدأت موجة النزوح من تلك المناطق لتصل حتى الآن إلى أربعة ملايين ونصف المليون نازح.

مع هذا النزوح لم يعد المجتمع السُني مجتمعًا قادرًا على لملمة شتاته، فهو يفتقد إلى القيادتين السياسية والدينية، في ذات الوقت لم يعد ثق بكل السياسيين السُنة الذين كانوا نتاج العملية السياسية بعد عام 2003، لذا بقي رفضه لهذا النظام مستمرًا.

الانهيار المجتمعي والنفسي والمادي والجغرافي الذي حدث لسُنة العراق يضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول تصدير قادة سياسيين شباب إلى الواجهة من جديد للتصدي لمطالبهم، والثاني، الاقتناع بضرورة أن يكونوا ضمن نظام سياسي يشارك فيه الجميع، وأن لا ينظروا للشيعة على أنهم غزاة وقبول العيش معهم سياسيًا مثلما كان العيش معهم اجتماعيًا.

كل القوى السُنية العلمانية والإسلامية التي شاركت في العمل السياسي العراقي بعد دخول القوات الأميركية، كانت غير مؤهلة لتمثيلهم، حيث لم تكن سنيتها سوى سلعة للمتاجرة بها أثناء اجتماعات توزيع المناصب.

الآن، لا يمكن وصف المجتمع السُني سوى أنه مجتمع نازح مبعثر يحتاج مساعدة للملمة أوراقه، وإعادته إلى مناطقه، كما حاجته إلى خطوات بناء ثقة مع الآخر تكون عبر ممثلين قادرين على التعامل مع الواقع الذي فرض على العراقيين بعد عام 2003، وأن تكون للمجتمع منطلقات أساسية يعتمدها في مرحلة ما بعد "داعش".

الخيارات المطروحة في الفترة الحالية للسُنة عبر "قادتهم" السياسيين، جميعها خيارات منتهية الصلاحية، وما لا يُمكن القبول به الآن لا يمكن القبول به مستقبلًا، فوجود ذات الوجوه في المرحلة المقبلة يعني أن هناك أزمات أكبر ستحدث لثاني أكبر مكون عراقي.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تاريخ صناعة السلاح في إسرائيل..3 مراحل و3 أهداف

كيف دخلت قوات الحشد الشعبي مدينة الفلوجة؟

الكلمات المفتاحية

قائد بعثة الناتو شخويرس.jpg

بعثة الناتو: عملنا سيستمر لأعوام بالعراق.. وندرب قواته على إغلاق الحدود مع سوريا

الاتفاق مع الحكومة العراقية على 32 هدفًا طويل الأمد لدعم مهمة الناتو في العراق


المشهداني السوداني.jpg

"أعتبر النظام مالتي".. المشهداني: السنة لن يقبلوا أن يحكموا الأغلبية بعد الآن

رئيس مجلس النواب يتحدث عن النظام السياسي وزيارة الشرع إلى العراق وقانون العفو العام


الترا-عراق01.png

حكومة السوداني تسحب دعوى قضائية ضد فجر السعيد.. ما القصة؟

أعلنت السفارة العراقية في الكويت سحب الدعوى القضائية ضد الإعلامية فجر السعيد


سهل نينوى.jpg

"مذكرة مسيحية" تطالب بسحب الميليشيات من سهل نينوى وقانون للأحوال الشخصية

طالبت بسحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى وتعديل قانون الانتخابات وإقرار قانون أحوال شخصية لغير المسلمين

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert