رأي

"ريان".. وحشة البئر التي قدمت درسًا في التضامن

6 فبراير 2022
GettyImages-1238173448.jpg
حبست أنفاسنا من مشرق الوطن العربي إلى مغربه (Getty)
آية القيسي
آية القيسي مقدمة برامج من العراق

في حادثة الطفل المغربي ريان، ابن الستة أعوام، والذي بقي خمسة أيام في بئر عميق، لم يشغلنا أي شيء عن متابعة وضعه داخل الأرض. أيام بساعاتها ولحظاتها كانت أنفاسنا محبوسة. خمسة أيام والأمهات تعتصر قلوبهن مثل أم ريان، خمسة أيام ولم تطفئ شاشات التلفزيون في البيوت لمتابعة البث المباشر لعمليات الحفر، أو توثيق وضعه وحركته من خلال كاميرا المراقبة بأسفل الأرض، ساعات وأيام من الترقب مصحوبة بالخوف والفرحة، وصولاً إلى آخر متر يفصلهم عن ريان، حيث والدا ريان أصبحا قريبان منه وكان على قيد الحياة، في لحظة، تشعر أن الكل كانوا أهله. 

ووسط تجمهر الناس حول النفق ولم يهدأوا ثانية واحدة عن ترديد الأدعية والتكبيرات، حيث وثقتهم الكاميرات وهم يردّدون "آمين" بعد من كان يقول "يا مخرج يونس من بطن الحوت أخرج ريان لنا من قعر الأرض، يا منقذ يوسف من البئر رد ريان لنا سالمًا"، لكنّ ريان لم يستطع الصمود أكثر فأخذ أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة بقرب والديه، وأتسائل أنا: أي وحشة كان بها ريان وهو داخل الأرض؟ أي تساؤلات طرأت على ذهنه؟ هل كان يحتاج إلىٰ الماء؟ هل كان يشتهي الحلوىٰ التي يُحبها؟ هل كان يود أن يغفو بين أحضان أمه ليلاً خوفًا من ظلامه؟ هل الأوكسجين الذي وصل له كان كافيًا لسد وحشته وإشارة إلى أننا بقربك؟ هل كان يفهم هذا؟

نحن في منازلنا وتداهمنا الوحشة لأيام وساعات ربما، كيف أنتَ يا ريان؟ من اللحظات التي نشرت بها صور ريان وأنا لا أستطيع تجاوز أي صورة رغم أنها واحد وبكل المواقع والصحف، لكنّ لن تمر عليّ مرور الكرام ودون أن أتأمل بها لثواني أو دقيقة. أشعر أن وجه هذا الطفل يحمل تساؤلات كثيرة، أشعر أن عيناه بئرًا للبهجة والفرح، لم يكن ريان أشقرًا أو له عينان زرقاء، لكنّ ابتسامته الباهتة ونظراته، أشعلت قلوبنا لأيام وحبست أنفاسنا من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، وهو دلالة على التضامن الإنساني، وكيف يكون عابرًا للحدود بيننا. أحد الأصدقاء مراقبًا لوضع ريان يقول لي: لا رغبة لدي بالنوم ليلاً ولم أغيّر محطة التلفزيون عن البث المباشر، ثم أخذني النوم وبداخلي رغبة أن أصحو صباحًا وريان خارج الأرض، وصحوت وريان لا زال تحت الأرض. 

شكرًا لكَ يا صغيري لأنك علمتنا الصبر والصمود، شكرًا لأنك ذهبت بعد أيام من الصراع ولم تخذلنا باستسلامك المبكر، شكرًا لأنك علمتنا درس التضامن مجددًا، شكرًا لابتسامتك، هنيئًا لكَ الجنة فهذا العالم لا يصلح للأطفال يا حبيبي.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد صمود ملحمي في أعماق الأرض.. الطفل ريان يفارق الحياة

عراقيون يهجرون النوم وأنظارهم تتجه صوب البئر المغربي ترقبًا لخروج "ريان"

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert