رأي

ربيع العراق ولبنان والجزائر

13 نوفمبر 2019
GettyImages-1179315841.jpg
ما يجري في العراق ولبنان والجزائر والسودان مختلف تمامًا عن الثورات الجذرية الكبرى (Getty)
محمد غازي الأخرس
محمد غازي الأخرس كاتب وناقد وشاعر من العراق

أحد أهم وأعمق الحوارات عن حركات الاحتجاج الحالية في العراق ولبنان والجزائر والسودان تابعته مع المفكر عزمي بشارة. حوار فريد من نوعه خصص لفهم "الثورات الإصلاحية" كما يسميها. ولكن ما هي هذه "الثورات الإصلاحية"؟ إنها مفهوم جديد وغير مسبوق يثقف به بشارة ويقدمه نظريًا بوصفه يدل على حركة احتجاج شعبي واسعة تنادي بإصلاح النظم السياسية القائمة، إصلاحها وليس اجتثاثها واقتراح بديل لها.

يثقف بشارة للثورات الإصلاحية كما يسميها، إنها مفهوم جديد وغير مسبوق بوصفه يدل على حركة احتجاج شعبي تنادي بإصلاح النظم السياسية القائمة 

وإذ نقول "الاجتثاث" فإننا نعني تغيير الطاقم بأكمله، النظام وركائزه وقوانينه ورجاله وحتى الشرائح الاجتماعية التي ترتبط به. جرى ذلك في الثورات الشمولية الكبرى ابتداءً من الثورة الفرنسية مرورًا بثورة روسيا وليس انتهاءً بالثورة الإيرانية. لقد غير الثوار في تلك الثورات الأطقم بكاملها وكان التغيير مضمخًا بالدم. وهي كلها لم تؤد لنشوء أنظمة ديمقراطية. 

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: ثورة العراق وطريق التحول من الطائفية إلى الديمقراطية

ما يجري في الحراك الثوري الحالي بالعراق ولبنان والجزائر والسودان مختلف تمامًا، وهذا عائد لسبب بنيوي هو أن الجماهير التي تقود الحراك لا قيادة لها ولا أيديولوجيا محددة تحركها، إنما هي منبثقة عفويًا وبدون رؤية شاملة لتقديم نظام سياسي جديد. بل حتى ثورات الربيع العربي عام ٢٠١١ التي تصدرها إما الإسلاميون او الليبراليون أو خليط منهما اختلفت عما يجري الآن في العراق ولبنان والجزائر والسودان. هذه الثورات الإصلاحية كما يفهمها عزمي بشارة ذات توجه ديمقراطي محض وتنطلق من أزمات بنيوية تطال جوهر النظم السياسية الحاكمة.

ورأي بشارة أنه لا يوجد حل أمام هذه الثورات سوى أن تتفاوض مع النظم الحاكمة أو جزء منها لإصلاح النظام تدريجيًا حتى استكمال تغييره، وقد يستغرق ذلك سنوات بحسب طبيعة الظروف والسياقات والعوامل الداخلية والخارجية. 
هذا السيناريو، سيناريو الإصلاح الذي يجب أن تقوده قوى من داخل النظام، ربما ينتصر في العراق ولبنان إذا ما أفرز الحراك مؤتمرًا وطنيًا وحوارًا مجتمعيًا هادئًا، وهذا يمكن فقط فيما لو نحي خيار العنف جانبًا، سواء من قبل الدولة أو من قبل القوى التي تشارك الدولة في احتكار العنف وهي الفصائل المسلحة.

برأيي، الرهان الآن ينصب على الجيش العراقي في أن يكون على الحياد ويحمي رمزية الدولة، كما جرى في تونس، وإلا فسيناريو الحرب الأهلية السورية لن يكون مستبعدًا. 
وإذن هذا ما يجري، ثورة يقودها الشباب لتغيير النظام السياسي، وعلى الطبقة السياسية فهم هذا بشكل عملي، برلمانًا وحكومة وقوى سياسية. هناك ثورة إصلاحية وليس اجتثاثًا فوضويًا أو شعبويًا. ولا يمكن الخروج من الانسداد الحالي ما لم يوقنوا أنهم لم يعودوا مناسبين للعصر. لقد انتهى زمنكم، وهناك هوية وطنية جديدة تتكون، وطريقة تفكير مختلفة تسود. 

الرهان الآن ينصب على الجيش العراقي في أن يكون على الحياد ويحمي رمزية الدولة، كما جرى في تونس، وإلا فسيناريو الحرب الأهلية السورية ممكن تمامًا

نعم، كان الحوار مفيدًا وطمأنني لصحة تفكيري حول ما يجري.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

العقل الجمعي يقدّم الدروس للمثقف العراقي!

الثابت والمتحوّل في احتجاجاتنا: دروس للمشرق العربي

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert