حكومة ما بعد تشرين.. انتقالية أم مؤقتة؟
9 أكتوبر 2021
أخطأنا التقدير أو التوصيف، أو لعل ما "أملنا أن يكون" لم يطابق ما هو كائن، ذلك حين كانت الرؤية التنضيجية للاحتجاجات تتضمن حكومة انتقالية بالمعنى التقليدي تُمكّن من تهيئة أجواء انتخابية مؤاتية لمشاركة شعبية قوية بإمكانها تصحيح مسار العملية السياسية المتأرجحة بشكل تدريجي. واليوم، مع انتهاء عمر حكومة مصطفى الكاظمي نظريًا وتحولها إلى حكومة تصريف أعمال لا بد من إعادة إطلاق الأوصاف بحق الطاقم الذي حكم مرحلة مهمة ومفصلية.
يُمكن وصف حكومة مصطفى الكاظمي باختصار بالحكومة المؤقتة التي قد تفضي إلى مرحلة انتقالية لكنها ليست انتقالية
لن نستغرق في نقاش حول مفهوم الانتقال واختلاف الفلسفات التي تبحث في المفهوم باختلاف زواياها التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والأيديولوجية.. لنتفق على اصطلاح الانتقال بوصفه تعبيرًا عن الشروع بالتحول عبر الانطلاق من النقطة أ (الوضع القائم) إلى النقطة ج (الهدف المرجو).
اقرأ/ي أيضًا: عام ونصف العام.. كشف حساب مع الكاظمي
بالإمكان تبرير أسباب عدم الوصول إلى النقطة (ج) بالمعطيات التي طرأت حال تسلم حكومة الكاظمي مهامها في نيسان/أبريل 2020 والظروف التي أحاطت بالبلاد داخليًا وخارجيًا، سياسيًا واقتصاديًا وصحيًا وأمنيًا، ناهيك عن تعقيدات النظام الطائفي في العراق وآثاره الموجودة قبل انتفاضة تشرين. ونقول الآن إن النقطة أو الهدف المرجو – على الأقل بالنسبة لنا – لم تكن هدفًا من الأساس في هذه الفترة. أي أن الهدف المرجو لم نرتجيه من حكومة الكاظمي لمعرفتنا بطبيعة الحال. في نهاية المطاف يفرض الواقع نفسه ويتطلب تقييمًا ونظرة عقلانية لا تنسحب مع شعارات وأصوات المحتجين الثورية الصادقة.
بالصدفة الحسنة، ذكرني حسابي على موقع فيسبوك بمنشور قبل خمسة أعوام أقول فيه إن العراق على وشك عبور مرحلة ما قبل المرحلة الانتقالية، وذلك قبل تحرير الموصل، حيث تتضاءل الخيارات ممكنة الحدوث يومًا بعد، حيث توجد مجموعة كبيرة من النتائج ممكنة التحقيق قبل المرحلة الانتقالية التي يتم فيها إنشاء مؤسسات وهيكليات ثابتة بحسب تعريف جيمس ماهوني.
وبعد السنوات الخمس هذه، مع الاحتجاجات والانتخابات السابقة ثم الانتفاضة وإسقاط حكومة عادل عبد المهدي وانتخابات جديدة، ما زلنا في تلك المرحلة التي لا تحملُ ملامحَ واضحة راسخة، وتضع الخيارات – كل الخيارات – أمام تحدي الواقع وما يفرضه بحسب موازين القوى والتدخلات الكبيرة المقصودة والصدف.
إن المرحلة الانتقالية التي كنّا توّاقين لها في ساحات الاحتجاج تتطلب إجراءات مفصلية ومهامًا أقرب للثورية لتحقيق شروط الانتقال إلى دولة المؤسسات الديمقراطية ومبدأ المواطنة. ليست المرحلة الانتقالية المقصودة في سياقنا هي بناء الدولة والقضاء على المحاصصة الطائفية وتصفير عمليات الفساد واستحواذ الأحزاب على السلطة، فمثل هذه الأمور لا تحدث في مرحلة قصيرة وباعتصامات سلمية وحكومة تصارع الثعابين كما يقول رئيسها.
كان يُمكن لخطوات ثورية بحجم تضحيات المحتجين أن تغير توصيف هذه الحكومة، على سبيل المثال: إجراءات جادة بحق قتلة المتظاهرين ومحاكمات علنية تُعيد الثقة والحوار بين النظام والناس. ضربات محسوبة داخل أجهزة الدولة التي ترفض التغيير. محاسبة واضحة لشخصيات فاسدة معروفة لا من المرتبة الثالثة. ردودٌ حاسمة اتجاه خروق القانون والاستقواء على الدولة من المجاميع المسلحة سواء أكانت ميليشيات أو عشائر؛ لكن الحكومة اكتفت ببعض الإجراءات التي ليست بمستوى الحدث والاستعراضات الإعلامية التي لا تخفي ما يجري على الأرض، هذا لناحية استجابتها مطالب المواطن/المحتج.
وعليه، يُمكن وصف حكومة مصطفى الكاظمي باختصار، بالحكومة المؤقتة التي قد تفضي إلى مرحلة انتقالية لكنها ليست انتقالية. حكومةٌ مؤقتةٌ جمّدت الصراع بين قوى التغيير في الشارع والقوى السياسية في النظام لحين إجراء الانتخابات المبكرة، معتقدةً بذلك أنها حكومة انتقالية ومن مهامها إجراء انتخابات انتقالية، وربما فَهِم الكاظمي من مطلب تهيئة الأجواء الإجراءات الفنية كإحكام القبضة على صناديق الاقتراع فحسب، والأجواء المقصودة ليست فنية.
حكومةٌ الكاظمي جمّدت الصراع بين قوى التغيير في الشارع والقوى السياسية في النظام لحين إجراء الانتخابات المبكرة
نقول مجددًا إن الانتخابات التي دخلنا أجواءها بين الخاصة والعامة ستحدد شكل المرحلة الجديدة، وما مدى تقبّل النظام لمطالب الإصلاح وما إذا كانت حالة الفوضى غير المتجهة نحو إصلاح ديمقراطي ستستمر، وبالتأكيد ستكون الحالة ختامًا لنتائج انتفاضة تشرين "العينية".
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات