رأي

حروب إسرائيل.. ضرب العراق لا يتعلّق بـ"الحشد" فقط!

26 أغسطس 2019
ضربات.jpg
دخلت الأزمة في العراق مراحلها الأخطر في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية (فيسبوك)
هشام الموزاني
هشام الموزاني كاتب عراقي

ليس غريبًا أن تجد كمّ المتشفين والسعداء، خاصة من بعض "العقلانيين" الجدد، بـ"الضربات الإسرائيلية" الأخيرة على العراق، ليبدو موقفهم وكأنه يتناسق مع النظام العالمي، مصحوبًا بغضب و"تخوين" إزاء كل صوت مخالف، مع أن تهمة التخوين تكون أكثر اتساقًا معهم، إذ إن الكثير منهم نتاج فشل المنظومة القومية التي تبنت شعارات القضية المركزية الفلسطينية، بينما هي منشغلة داخليًا بالقمع والاستبداد والقتل والإفقار لشعوبها، إضافة إلى الانبهار بالنموذج الغربي والإسرائيلي معًا، وحتمًا أن الانتقالات الاقتصادية والسياسية لا ترتبط بالغرب، ومؤكدًا ليست مرتبطة بـ"إسرائيل" من بعيد أو قريب، ولا نهمل التطوّر الطائفي لشكل المقاومة ليضيف تعقيدًا على الموضوع في التعامل مع القضية الفلسطينية وما يرتبط بها.

أن ضرب العراق من قبل "إسرائيل" لا يرتبط فقط بـ"الوجود الحشدي"، الموالي لإيران، وأن كان من الممكن تقليل الضرر لو تصرّف عراقيًا أكثر

وفضلًا عن الأسباب التي ذكرناها آنفًا، فإن طول فترة الصراع العربي الإسرائيلي كان مليئًا بالهزائم الكبرى للعرب، وحتى انتصارهم "الساداتي" انتهى بالاعتراف المنهزم، فكان دخول قوى الإسلام السياسي بقدراته التنظيمية والجهادية، وأثبت أنه أكثر مطاولة وإزعاجًا وكسرًا لنظرية الردع كما في تموز/يوليو ٢٠٠٦.

اقرأ/ي أيضًا: بعد اعترافه بالقصف الإسرائيلي..ما قدرة الحشد للرد؟

وتدريجيًا صارت "القضية الإسرائيلية" هي محور الأحداث وليس القضية الفلسطينية، لأسباب منها تراكمي، فضلًا عن الانهزامات و"التفاهمات السياسية"، لكن الوجود الإسرائيلي ليس شأنًا بالإمكان تجاوزه، خصوصًا للدول العربية المتهالكة، إنه شأن وجودي يهدّد هذه البنية العربية. تدرك "إسرائيل" أنها محاطة ببحر ديموغرافي عدائي لا حل له إلا تقسيم وتحطيم هذه الكيانات، ومراجعة صغيرة لأوضاع وتطوّرات الشأن السياسي للدول "المطبعة" سيكون كفيلًا بإيقاظ الحالمين بالسلام الشرق أوسطي.

عراقيًا، كانت التطورات الأخيرة هي نهاية المطاف للرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية في حربها المفتوحة جويًا وصاروخيًا والناعمة على حد سواء. ولعل الإشكالية الأكبر أن العراق القومي "السني"، والعراق الإسلامي "الشيعي"، هو النموذج الأسوأ لحائط الصد للآخر (العربي والإيراني بالتتابع).

إن التعاطي مع موضوع القصف الإسرائيلي كشأن "حشدي شيعي" هو انتحار سياسي لكل من يفكّر بهذه الطريقة (الكتل والأشخاص التي تعرّف نفسها طائفيًا تختصر الكثير من الحوارات على المتلقي مقدمًا)، لأن السيادة لا تتجزأ، حتى وإن كانت سيادة شكلية أو "مأزومة". ومن الجانب الآخر، فأن إيران والحلفاء معها هم السبب العملي لهذه الضربات، لكنهم ليسوا السبب الجوهري. إذ إن ضرب العراق لا يرتبط فقط بـ"الوجود الحشدي"، الموالي لإيران، وإن كان من الممكن تقليل الضرر لو تصرّف عراقيًا أكثر، وحصل على استقلالية مفترضة للقرار العسكري والأمني على أقل تقدير.

وفي سياق الضربات، يبقى الهاجس الإيراني هو ملمح التعامل الأكبر مع العراق دوليًا، يوازيه باتجاه مختلف سلسلة فضائيات وتنظيمات خليجية تدفع نحو إعادة للصراع الطائفي الداخلي وتتعكز بالهجمات الإسرائيلية، بينما لا تخجل أنظمتها من التطبيع العلني والخطاب الطائفي.

ربما علينا أن نختم فكرتنا وموقفنا إذا تجاوزنا الموقف الأخلاقي غير القابل للتجاوز، فسنجد أن إسرائيل لا تهاجم إلا على أرضية وجودية إقصائية ومدمرة للآخر العربي، فأي تبرير للضربات الإسرائيلية سيكون ضربًا من الجهل بأبسط قواعد اللعبة السياسية، وجهلًا أكبر بالخارطة الجيوسياسية للمنطقة المحصورة بين الخليج والمتوسط بالحد الأدنى من المعرفة الضرورية للحوار بموضوع كهذا.

العراق ليس فقط على مفترق طرق عسكرية وأمنية بهذه الضربات، بل هي ستحدّد موقفه النهائي كعراق موحد من "إسرائيل"

إن العراق ليس فقط على مفترق طرق عسكرية وأمنية بهذه الضربات، بل هي ستحدّد موقفه النهائي كعراق موحد من "إسرائيل"، وحسب التطوّرات المستقبلية من القضية الإيرانية... وفي النتيجة؛ إن "حوائط الصد" لا تمتلك الكثير من الخيارات.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نعوم تشومسكي: إسرائيل رأس حربةِ قتل الديمقراطية

"طبول الحرب" تقرع في بغداد وبيروت.. كيف سيرد الحشد الشعبي على إسرائيل؟!

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert