رأي

حراك الصدر الأخير.. هل تمحو تغريدة آثار "التوثية"؟

19 فبراير 2020
مقتدى الصدر_1.jpg
مقتدى الصدر (فيسبوك)
سلام الحسيني
سلام الحسيني كاتب وصحافي من العراق

يبدو أن الصدر وفقًا لتحولاته الأخيرة يؤسس لمعسكر (عقائدي - سياسي) لا يختلف عن التحالف الوطني أو ماكان يسمى "البيت الشيعي"، إلا من حيث الرمزية المفصلة على مزاجه بإطار صدري يرغب به، وبما يتواءم مع تطلعاته السياسية التي تتناسق مع حجم نفوذه على الأرض. يجمع القطع المتناثرة ليعيد بناء الصنم المفتت حتى لو كان مشوهًا لمن ينظر إليه. المهم أن يبقى شاخصًا للمواجهة وباسمه هذه المرة، كما لو أن الموضوع نزالًا للمصارعة لإثبات الوجود. 

صار الصدر مؤخرًا هو اليد الضاربة لتحقيق أحلام إيران والحلفاء معها بإنهاء انتفاضة تشرين 

إن هذا التأسيس سيعيد مأساة الماضي الذي تشكلت على أساسه العملية السياسية، تحالفات وبيوتات وثكنات طائفية تُعيد الخطاب التقليدي من جديد لتكديس البضاعة لبيعها مجددًا للناخب في بازار الانتخابات، بينما هو كان المعارض دائمًا لهذا التأطير الطائفي الذي تعتمده العملية السياسية للتحاصص.

اقرأ/ي أيضًا :الصدر وانتفاضة تشرين.. من عثر على الآخر؟

في الواقع هو عملية ابتلاع سياسي بسياق عقائدي يؤطر ذلك مصحوبًا بتغريدات تلامس وجدان الجمهور، تقلبات الصدر سياسية تتناغم مع طبيعة الاطمئنان للقاعدة التي تبرر دائمًا، فلماذا يحتاج لإعادة النظر مثلًا؟! مؤخرًا كان يدًا ضاربة لتحقيق أحلام إيران وحلفاءها بإنهاء كابوس تشرين، والحديث هنا ليس اتهامًا بقدر ماهو تحليل سياسي مبني على معطيات، فمهما كان الصدر مختلفًا معهم سياسيًا بالنهاية، سيلتقي عند الثابت العقائدي المرتبط بأدبيات الطائفة والدين بشكل عام. 

في هذا السياق تجدر الإشارة إلى طبيعة الخطاب الذي تبناه الصدر في السنوات التي تلت دخوله العمل السياسي الذي يقترب من سياق الدولة والمؤسسات بعيدًا عن لغة الطائفة والعسكر، وهذا ما شكل فارقًا كبيرًا في المتبنيات الفكرية كتيار يُحسب على المعسكر الراديكالي، وهذه التحولات وضعته أمام مشرط النقد كزعيم سياسي لا ديني، وبطبيعة الحال لا بدّ من إدراك الصدريين أنهم بمواجهة أسئلة كبيرة ومحرجة عن حقيقة هذه الانقلابات في المواقف تجاه الساحات المنتفضة، وخصوصًا بما يتعلق بالتناقضات الصريحة بين الدعوة إلى عدم تسييس التظاهرات وفرض إرادته عليها وتوجيهها وفقًا لقناعاته، فمساره الحالي لا يُفسر إلا بكونه يبني لكيان ديني متسلط لا يمكن أن يدخل في سياق مفهوم الدولة. 

العمل على إعادة الثقة يحتاج لوقت ليس بالقليل لإثبات حسن النية وإرسال التطمينات للمتظاهرين على أن الصدر لا يسعى لخطف الاحتجاج بداع الانحراف عن مسارها، وهذا لن يحصل إلا بالمكاشفات الواضحة على ما جرى في النجف والتحرير وغيرها، اجتماع في خيمة وخلع القبعات لا يفي بالغرض، ولا حتى ولائم الغداء، فالدم العراقي لا بد أن يكون هو المقدس قبل كل شيء و"التوثية" لاتمحو أثرها تغريدة.

عمومًا، بين الرغبات والأفكار يتلاشى الواقع المعقد لطبيعة تكليف كابينة علاوي الوزارية، ومطالب الساحات وغياب الجدية في فهم الأزمة الحالية لن يُنتج إلا المزيد من التشتت، إذ أن التكليف لا يختلف عن نسخة تكليف عبد المهدي الذي تبرأ منه الجميع هروبًا من الفضيحة مما يعطي انطباعًا عن مستقبل هذه الحكومة المؤقتة، ستبقى مطالب المحتجين حروف على ورق ما لم يؤسس لتشكيل جماهيري ضاغط يساعد الى حد ما بحفظ ماتم انجازه لانتفاضة تشرين.



اقرأ/ي أيضًا: 

مقتدى الصدر.. قبل نفاد الوقت

مقتدى الصدر.. الرابح الأكبر من تظاهرات العراق

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert