ثقافة وفنون

جنّةُ عدم

26 مارس 2020
أسعد عرابي.jpg
(أسعد عرابي)
أحمد عبد الحسين
أحمد عبد الحسين شاعر وصحافي من العراق

إنْ تكنْ جيوشٌ تكنْ الموازينُ مترفةً ومنسيةً كحدائق أنضجها القحطُ على مَهلٍ،

والحكمةُ ـ هـذه الكنوزُ السوداءُ فـي فمِ الذئب ـ تلجئُكَ إلى قرينٍ حيٍّ يرفعُ حديدَه الصدئَ عاليًا

تحيّةً للعدم.

إن تكنْ الحربُ

تكنْ بغدادُ تنقّرُ جثّةَ بابل، أو بالعكس:

زقورةٌ تتهدّمُ في كتاب "أبي مخنف"،

فردوسٌ كالطعناتِ المرحةِ في أحشاءِ النائمِ

عادلًا يضحكُ على العراق،

عادلًا يضحكُ على صبيانٍ ممتحنينَ بشرطيّ سكران

أختامُه المزوّرةُ في معطفه،

 ويداه مغلولتانِ على دراهمَ مسكوكةٍ من لهاثٍ وزمهريرٍ.

ويا للنياشينِ المشعّةِ على صدرهِ المنكوب،

يا لقبّعة الريشِ، مثقوبةً تتداركُ الصاعقةَ برأسٍ مبتور،

يا لأنواطِ شجاعتهِ تتدلّى كمفاتيحِ الصيرفيّ،

كالذبائحِ التي تقلّبها الشمسُ: نعمْ نعمْ  ولا لا،

ويا للركلةِ المطبوعةِ على وجهه ـ وجه الملاك ـ

يا للطائراتِ الكسولةِ ترمي نردَها في الصحراءِ

فتأكلنا النعمةُ ونتعافى.

تأكلنا النعمةُ لأنّ وجوهنا تتفسّخُ من طعنةِ الفزعِ التي تشفيْ،

ونتعافى لأن أحشاءنا أُترعتْ بسمومِ "المارينز"،

تأكلنا النعمةُ ونتعافى لأنّ كلبًا أجربَ حكَّ جلدَه بأعمارنا واختفى.

إنْ تكنْ الحربُ يكنْ أخونا البابليُّ قاعدًا في الظلِّ يحلُّ الضماداتِ عن قلبهِ، ويلهو بطنينِ الذبابِ، بالقياماتِ المدفونةِ هنا وهناك، بالأبديةِ المرتجلَة، بشكيمةِ أنثى تغسلُ ثيابَ غوغاءٍ يسهرونَ على أكياسِ الطحينِ.

إن تكنْ الحقيقةُ مترَعةً بالدماءِ الثلاثة ـ دماءِ الحيضِ والاستحاضةِ والنُفاسِ ـ يكنْ اليقينُ باردًا كالنارِ المرسومةِ في بيتِ النساءِ، كالفقيرِ الباكيْ على نجمةِ الصباحِ، كالأصنامِ الصغيرةِ في لفظةِ اللهِ، أو كالذي يُقالُ له: من أنتَ؟ فترتجفُ يداه من الحمّى.

مَنْ أنتَ؟

أخي أيها المنتصبُ على الفردوسِ بفداحةِ الفجرِ التالفِ وصريرِ الأسنان،

يا مَنْ يمزّقُ دفاتر الإخباريينَ بحثًا عن كُنيةٍ تليقُ ببياضِ أكتافهِ،

شمسُ ماءٍ تفجّرتْ في ثيابِكَ؟

أمْ هي الحربُ، وأعداؤك أطفالٌ يقايضونك بزئيرِ الذهبِ، بالنبوءاتِ الرخيمةِ كقواربَ مربوطةٍ إلى أكوامِ الكتبِ؟

أعداؤك ـ أخوتك طهاةُ الأيامِ يلتمسونَ الأبوابَ إلى قلاقلَ يائسةٍ تنعشُ الأنثى التي فيكَ، الأنثى التي ترتجُّ في أحشائك، الأنثى التي هي أنتَ لولا براهينُها وشكُّكَ، لولا القرائنُ التامّةُ للغيبِ المدوَّنِ بالركلاتِ.

ألهذا

ـ أخي أيها المشرف على أقنعة الغد وخرائبه ـ

 تقفز من عاصفة لا تعرفُك إلى عاصفةٍ لا تعرفها؟

ألهذا تحلّ الضماداتِ عن قلبكَ،

ومعك الربيعُ الأخرسُ يربّتُ بيديهِ على حديدك الذي لن ينجوَ منه أحد؟

ألهذا بغدادُك تنقّر جثةََ بابلك

أو….. بالعكس:

بابلك مقفلةٌ

ومفتاحها في فمك.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رسالة في أن الوجود خير محض على كل حال

قل آسف

الكلمات المفتاحية

مدرس.jpg

صور: أستاذ عراقي يتطوع لتعليم المسمارية بطريقة مبتكرة

ينظم مدرس مبادرة سنوية لتعليم الكتابة المسمارية عبر مشروع يستهدف طلاب المرحلة المتوسطة


الهيئة العامة للاثار والتراث.jpg

البعثة التنقيبية العراقية الإيطالية تقترح إقامة متحف ثابت في تل محمد

اكتشافات آثارية في تل محمد ببغداد


جروانة.jpg

لا سياج ولا إجراءات تأمين.. "تويوتا العراق" تبرر صعود "لكزس" فوق السد الأثري

بررت شركة "تويوتا العراق" تصوير إعلان تجاري على متن سد جروانة الأثري في محافظة نينوى والذي أثار استياءً كبيرًا وتفاعلاً غاضبًا


المخرج العراقي محمد شكري جميل.jpg

أخرج "المسألة الكبرى" وشارك في أفلام عالمية.. رحيل المخرج العراقي محمد شكري جميل

النقابة والوزارة تنعيان المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل عن عمر 88 عامًا

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert