رأي

العقاب المجحف في العدالة الانتقالية: العراق مثالًا

14 September 2016
العقاب المجحف في العدالة الانتقالية العراق مثالًا.jpg
الانتخابات البرلمانية العراقية، يناير 2005
مصطفى سعدون
مصطفى سعدون صحفي من العراق

مازال العراق هو البلد الذي تحول من نظام دكتاتوري إلى نظام يُفترض أن يكون ديمقراطيًا، في مرحلة انتقالية رغم مرور 13 سنة على سقوط نظام البعث ودخول القوات الأمريكية الغازية للبلاد بصفتها المحتلة. كنا نعتقد أن المرحلة الانتقالية لن تطول كثيرًا، لأن أمة عظيمة مثل أمريكا هي التي ستزق الديمقراطية فينا زقًا.

سُلمت السلطة في العراق إلى معارضي نظام صدام حسين، من الشيعة والسنة والكرد، لكنهم لم يوفقوا أو إنهم لم يريدوا بالأساس إنجاح تجربة "ديمقراطية" يفترض أن يعيشها العراق، فراحوا يسيسون كل المؤسسات والمشاريع التي أريد لها أن تكون جزءًا من ملف العدالة الانتقالية في البلاد.

استخدام العقاب المجحف وعدم اللجوء إلى المحاسبة القانونية العادلة، يتسبب بارتكاب انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان، كان بدالة الخراب الذي هدد وأسقط النظام الشمولي

المعارضون لنظام البعث عندما سيطروا على السلطة في البلاد، كانوا يؤمنون بشيء اسمه عدالة انتقالية ومحاسبة قانونية، لكن هذا كان على الورق فقط، أما ميليشياتهم وعصاباتهم، فراحت تنفذ الاغتيالات بشكل شبه عشوائي بحق كل من كان ينتمي للسلطة أو لنظام البعث قبل 2003.

هذا يعني أن استخدام العقاب المجحف في محاسبة مرتكبي الانتهاكات أثناء حكم النظام البعثي الشمولي للعراق، كان مسارًا غير متوافق مع آليات العدالة الانتقالية، التي تكون عبر مؤسسات قضائية عادلة، يُحاسب فيها مرتكب الانتهاك ويجبر ضرر الضحية.

اقرأ/ي أيضًا: طفل عراقي مغيب منذ 13 عامًا..والجيش البريطاني متهم

منذ لحظة سقوط نظام البعث في التاسع من نيسان/أبريل 2003، بدأت عمليات الاغتيال والتصفية وفق معلومات جمعها أشخاص كانوا يعارضون صدام حسين عبر مصادرهم الخاصة في البلاد، كان فيها ظلم كبير.

إن استخدام العقاب المجحف وعدم اللجوء إلى المحاسبة القانونية العادلة، يتسبب بارتكاب انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان، كان بدالة الخراب الذي هدد وأسقط النظام الشمولي. كما أن تجاهل المحاسبة القانونية، يزيد أعداد مرتكبي الانتهاكات، ويساعد بعض مرتكبيها في النظام السابق على الإفلات من العقاب، ويظلم بعض آخر.

أصبح لكل حزب عراقي أثناء فترة المرحلة الانتقالية التي مر بها العراق، ويمر بها حتى الآن، محكمة خاصة به (افتراض)، هي من تقرر أن يُحاسب أعضاء في النظام السابق أم لا، لذلك ازدادت عمليات الاغتيال في الشوارع، وأفلت عدد كبير من المتسببين بالانتهاكات قبل 2003 من العقاب.

إن فشل العدالة الانتقالية في العراق، وعدم العمل بآلياته الحقيقية التي لا تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، كان سببًا في وصول العراق إلى مرحلته الحالية وازدياد حالات الإفلات من العقاب وظلم أشخاص لم يكونوا سببًا في ارتكاب أية انتهاكات لحقوق الإنسان.

يمكن القول، إن تجربة العراق التي فشلت في ملف العدالة الانتقالية، بالإمكان أن تُدرس أو تكون مثالًا على التعاطي السلبي في ملف العدالة الانتقالية وتجاهل الآليات القانونية والانصياع لرغبات مافيوية، على عكس التجارب الأخرى التي أصبحت مثالًا حقيقيًا للعدالة الانتقالية، أبرزها جنوب أفريقيا.

اقرأ/ي أيضًا:
هل ينجح إضراب أتباع الصدر في العراق؟
ميليشيا الحشد الشعبي تخزن سلاحها بين المدنيين

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert