العراق والحاجة إلى قرار دولي يدين احتلاله عام 2003
21 مارس 2022
قد يعترض أحدهم عندما نطرح حاجة العراق إلى قرار دولي يدين احتلاله عام 2003 فيقول إنّ هذا الاحتلال هو من مهد لنهاية الدكتاتورية التي جثمت على صدور العراقيين سنين طويلة، وأنه هو الذي مهد لتأسيس نظام ديمقراطي هو الأول من نوعه في المنطقة، وجوابنا على ذلك أنّ هذين أمرين يختلفان، فنجاح الغزو بالإطاحة بالنظام الدكتاتوري وتأسيسه نظامًا ديمقراطيًا بدلًا عنه، لا يلغي واقعة الغزو الذي جرى دون موافقة من المؤسسات الدولية، ليس فقط لأنه يوقع هذه المؤسسات في حالة من التشتت والضياع عند تعاطيها مع حالات مماثلة، بل ولأنه يفتح الباب لحالات أخرى شبيهة به كما هو الحال مع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي جاء بعد أن رأت روسيا أنّ مثل هذا الأمر ممكن أيضًا ما دامت أمريكا قد نجت من التعرض لمحاسبة دولية لما فعلته في العراق.
إنّ صدور قرار يدين الغزو الأمريكي للعراق لا يمنع حتى من إقامة أفضل العلاقات بين العراق وأمريكا فيما إذا جرت تسوية كل متعلقات الغزو من تعويضات وغيرها، كما هو الحال عندما أنسحب البريطانيون من أمريكا عقب حرب الاستقلال في القرن الثامن عشر، إذ لم تمنع تلك الحرب والحرب التي تلتها بين عامي 1812 و1814 من بناء أفضل العلاقات بين الدولتين، وكما حصل بين الجزائر وبلدان المغرب العربي التي وعلى الرغم من تعرضها للغزو الفرنسي وخوضها حرب استقلال طويلة ضده، إلا أن ذلك لم يحل دون بناء شراكة قوية بينهم وفي مجالات عدة، وما زالت هذه الدول تعد اللغة الفرنسية لغة رسمية، فيما تحولت علاقتها مع فرنسا إلى مثال يحتذى به من قبل الدول الأخرى، ومن ثم لن يحول الغزو الأمريكي أيضًا عن بناء علاقات قوية مع أمريكا ما دامت هذه العلاقات تخدم المصلحة العراقية.
إنّ الحاجة لقرار كهذا لا ينبع فقط من ضرورة اتخاذ موقف دولي موحد من حالات الغزو التي تحصل من حين لآخر، بل وكذلك لأهمية ذلك لترتيب أوضاع الدولة العراقية التي جعلها الغزو مشتتة بين من يرى فيه خلاصًا كانت تنتظره البلاد بعد أن عاشت عقودًا طويلة تحت ظلال الطغيان والاستبداد واللا استقرار، وبين من يراه عدوانًا على استقلال البلاد وسيادتها واستقرارها، هذا فضلًا عن أولئك الذين ليس لهم موقف واضح من الغزو أو لا يستقرون على موقف محدد منه لأسباب كثيرة.
ومن شأن قرار كهذا، أن يجعل للبلاد موقف واحد من الغزو ويحررها من الضغوط التي قد تجعل بوصلة قرارها لا تستقر على اتجاه معين، فقد لاحظناه من تشتت المواقف أن وزيرًا ما يمتدح الغزو فيما يدينه زميلًا له، وهذا ما انسحب أيضًا على الحكومات، إذ بينما رأينا لحكومة موقف سلبي منه رأينا لحكومة أخرى موقف إيجابي، ولا ننسى أن لهذا أهمية أيضًا في ترسيم علاقات العراق مع الدول الأخرى بما في ذلك الدول المجاورة له، فكيف تحدد الحكومة مواقفها من تعاطي هذه الدول مع الغزو، إذا كانت هي نفسها لم تحدد موقفها منه، وهذا ما ينسحب على موقفها من القرارات الدولية وغيرها.
اقرأ/ي أيضًا:
9 حقائق هامة ينبغي ألا ننساها عن الغزو الأمريكي للعراق
غزو العراق.. تفتيت الهوية وإفقار الشعب في رحلة الكذب الأمريكي
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات