السياقات الأمريكية لإلغاء تفويض الحرب على العراق
18 يونيو 2021
بعد قرابة العقدين من الزمن صوّت مجلس النواب الأمريكي على إلغاء التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي مهّد للحرب على العراق بعد عام وإسقاط نظام صدام حسين واحتلال البلاد.
درجت العادة أن نرى في العراق والمنطقة العربية كلُ ما يَصدر من الولايات المتحدة ويطالنا بنسبٍ مختلفة نابعًا من حالتنا نحن
في الترتيب الزمني، جاء التحرّك بعد عام ونصف العام على اغتيال قاسم سليماني قرب مطار بغداد دولي على خلفية محاصرة السفارة الأمريكية من قبل محتجين تابعين للفصائل المسلحة الحليفة لإيران احتجاجًا على عملية عسكرية نفذها سلاح الجو الأمريكي على الشريط الحدودي العراقي مع سوريا في عهد دونالد ترامب.
اقرأ/ي أيضًا: تفويض غزو العراق.. البرلمان الأمريكي ينهي عقدين من "الحرب الأبدية"
في السياق الزمني، جاء التصويت والحراك التنفيذي/ التشريعي في ظل مسارين متعارضين؛ أولهما مباحثات فيينا الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني، وثانيهما التصعيد النوعي في وتيرة الهجمات ضد المصالح الأمريكية في العراق ودخول الطائرات المسيّرة على خط المواجهة. ومن هنا كان التصويت مُثيرًا للاهتمام.
درجت العادة أن نرى في العراق والمنطقة العربية كلُ ما يَصدر من الولايات المتحدة ويطالنا بنسبٍ مختلفة نابعًا من حالتنا نحن، وربما لنا الحق في ذلك؛ لكن الأمريكيين بوصفهم دولة وديمقراطيةً، قبل أن يكونوا قوة عظمى، لهم أولوياتهم وقضاياهم التي تحدد اتجاهاتهم.
سنسوق التحليلات التقليدية إن تغاضينا عن الجدل المستمر منذ سنوات حول ما يطلق عليه الكتاب الأمريكيون تنازل الكونغرس عن الكثير من صلاحياته وسلطاته لصالح البيت الأبيض. وبحسب الدستور الأمريكي فللكونغرس صلاحية إعلان الحرب، لكنه فوّض السلطة التنفيذية بإجرائها وإرسال قوات قتالية إلى الخارج كما حدث مع القانون الذي نحن بصدده، إضافة إلى السماح بالحرب ضد تنظيم القاعدة بعد هجمات أيلول 2001. ولا يزال هذان التفويضان ساريين حتى الآن.
لا تقتصر المسألة على الصلاحيات المتعلقة أساسًا بالنظام الديمقراطي، بل بالرغبة الحقيقية المطردة لدى الناخب الأمريكي بإنهاء ما يصطلح عليه بـ"الحروب الأبدية"، وهي مسألة تتعلق أيضًا بالديمقراطية الداخلية.
لعل ما يعطي المزيد من الأهمية للجوانب المذكورة هو التأييد الصادر من بعض الجمهوريين، حيث صوّت قرابة الخمسين نائبًا من الحزب لصالح إيقاف التفويض باستخدام القوة، وإن كانت الأغلبية لصالح الديمقراطيين بنحو مئتين وعشرين نائبًا. ويؤكد تأييد إدارة بايدن لإنهاء التفويض الجانب المتعلق بمزاج الناخب الأمريكي.
يتضمن القرار أيضًا سعي الأغلبية الديمقراطية بوضع حد للإدارات القادمة (الجمهورية تحديدًا) باستخدام تلك القوانين والتفويضات مبررًا للهجمات العسكرية، أو "بالعودة إلى سلة المهملات القانونية" كما يعبر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
إذن، تؤيد إدارة بايدن وداعموها في الكونغرس تقييد صلاحيات إعلان الحرب من قبل الرئيس مع إشارات تتحدث عن تأثيرات طفيفة ستطرأ على مهام القوات الأمريكية في الخارج، مع تأكيد الإدارة على ضرورة الحفاظ على "سلطة واضحة لمواجهة التهديدات وحماية المصالح [الأمريكية] باستخدام القوة العسكرية الحاسمة"؛ لكن ليس بالتفويضات القديمة، وإنما بأُطر "ضيقة محددة".
التوجه نحو إلغاء التفويض الذي أدى إلى احتلال العراق، وعلى الرغم من توقيته المثير إلا أن جزءًا مهمًا ورئيسًا منه يتعلق بالداخل الأمريكي ونظامه الديمقراطي
مسألة البديل، كانت حجة المعارضين لإلغاء التفويض، ودعوا للتريث إلى أن يتم اجتراح طرق بديلة من شأنها ألا تعرقل الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وربما سيكون "البديل" موضوع النقاش الجديد حين يُطرح القانون على طاولة مجلس الشيوخ، خصوصًا مع التطورات المستمرة في ملف الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني والصراع في العراق الذي يقترب مرارًا من انفلات التصعيد، وهو ما سنتناوله لاحقًا، لكن ما أردنا قوله هنا إن التوجه نحو إلغاء التفويض الذي أدى إلى احتلال العراق، وعلى الرغم من توقيته المثير، وتأثيره الممكن على مجريات الأحداث القادمة وعلاقته بالتطورات الخارجية، إلا أن جزءًا مهمًا ورئيسًا منه يتعلق بالداخل الأمريكي ونظامه الديمقراطي.
اقرأ/ي أيضًا:
حقائق حول ذريعة احتلال العراق.. كيف تجسست واشنطن على صدام لسنوات؟
18 عامًا على الغزو الأمريكي.. تحولات المقاومة وتبادل أدوار الأطراف الثلاثة
الكلمات المفتاحية

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية
أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي
نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات