ثقافة وفنون

الحياة بالمنفى.. كيف عاش اليهود في بابل القديمة؟

30 يونيو 2022
مـدينة_بابل_03.jpg
دراسة حديثة (فيسبوك)
ليث سهر
ليث سهر روائي ومترجم من العراق

اعتلى نبوخذ نصر عرش بابل في  23 أيلول/سبتمبر عام 604 ق.م و بعد مرور عام حدث أن نكث ملك مملكة يهوذا (يهوياكيم) العهد مع نبوخذ نصر، ففرضت جيوش بابل حصارًا على أورشليم العاصمة، حتى استسلمت  في عام  597 ق.م، وتم أسر 3000 يهودي، وكان من بينهم  (ياهوكين) ابن يهوياكيم الملك الذي مات خلال الحصار، وجيء بهم إلى بابل.

كان اليهود يعيشون حياة كريمة في بابل على عكس ما نقل في الأسفار القديمة

نبوخذ نصر، عيّن  على يهوذا حاكمًا مواليًا له اسمه (صدقيا) الذي نكث العهد أيضًا، وعاد البابليون إلى حصار أورشليم لمدة 18 شهرًا، فاستسلمت عام 586 ق.م، فدمرت ودمر معها الهيكل وسيق ملكها (صدقيا) أسيرًا مع 40 ألف من اليهود إلى بابل.

لم تسلّط التوراة الضوء على حياة اليهود في بابل في كلا الأسرين، رغم أنّ السبي البابلي كان عاملًا مهمًا في تطور وصياغة اليهودية كديانة، كما انعكس ذلك بصورة واضحة على الأدبيات المؤسسة لها، أما المصادر البابلية فيرد أول ذكر لليهود فيها بعد ست سنوات من السبي الأول، وكان بشكل قوائم من الحصص خصصها  قصر الملك البابلي، وتضم  أسماء أمراء يهود واسم يهوياكين.

بابل
لوح من بابل يعود تاريخه إلى السنة الملكية الثالثة عشرة لنبوخذ نصر الثاني (٥٩٢ ق.م) ويذكر حصص الزيت الممنوحة ليهوياكين ملك يهوذا وأبنائه. متحف برلين

وعلى الرغم من أن استخدام الأسرى كقوى عاملة في مشاريع البناء العامة أو التبرع بهم  كخدم للمعابد كان شائعًا، إلا أن هذا الأمر لم تذكره سجلات المعابد البابلية الكبرى، وظل الغموض يكتنف حياة اليهود في بابل حتى تسعينيات القرن الماضي حين وجدت بعض الرقم الطينية المستخرجة بشكل عشوائي وغير قانوني طريقها إلى خارج العراق عبر التجارة غير المشروعة لتسلط الضوء على حياة يهود السبي. 

وفي دراسة ظهرت مؤخرًا وترجمها "ألترا عراق"، يقول عالم التاريخ تيرو الستولا من جامعة هلسنكي الفنلندية، إنّ "الأسرى اليهود أعيد  توطينهم في قرى عديدة تقع في مدينة نيبور (تقع آثارها في قضاء عفك – محافظة القادسية/ أو الديوانية) وتم دمجهم في المجتمع وفقًا لنظام  الإدارة البابلي (الأرض مقابل الخدمة) إذ حصلوا على الأراضي الزراعية لزراعتها مقابل الخدمات التي يقدمونها كدفع الضرائب والخدمة العسكرية ".

وأضاف الستولا أنّ "القرى التي استوطنها يهود السبي كانت قد سميت بأسماء من التراث العبري  مثل قرية أشكلون (عسقلان) و حماة ويهودو  ويهوذا".

يبلغ عدد الرقم  الطينية المهربة  250 رقيم، وهي مجموعة من المستندات القانونية كإذونات وعقود إيجار ووصولات استلام متعلّقة بالمعاملات اليومية في قطاع (الأرض مقابل الخدمة) إذ تظهر أن اليهود استقروا في قرية يهودو بعد فترة وجيزة بعد السبي، ويرجع تاريخ أول وثيقة محفوظة من القرية إلى عام 572 قبل الميلاد تعود إلى مزارع يهودي حصل على قطعة أرض صغيرة، وزرع فيها الشعير والتمر وبعض الخضروات للاستهلاك الشخصي ودفع الضرائب السنوية.

أما تاريخ آخر نص كتب في قرية يهودو، فيعود إلى العام  477 ق.م. لكن من جانب آخر، فإنّ أرشيف كامل لعائلة يهودية من رجال الأعمال البابليين تدعى "موراشوس" تعمل في قطاع (الأرض مقابل الخدمة) يذكر أسماء 60 يهوديًا آخر  لا تختلف أوضاعهم عن أوضاع اليهود في قرية (يهودو) وهم أيضًا زرعوا الأراضي، وقدموا الخدمات ودفعوا الضرائب، ويشير  الأرشيف إلى الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين اليهود أنفسهم، فقد بدأت تظهر  مع مرور الوقت.

أما سجل العائلة اليهودية المترفة المعروفة  باسم (آريا) فهو يسلط الضوء على اندماج اليهود في بابل. إنّ هذه العائلة مارست تجارة الذهب والتعامل مع معبد بابارا (معبد إله الشمس) في مدينة سيبار (تقع آثارها الآن قرب اليوسفية/بغداد) ويبدو أنهم مارسوا تجارة الذهب بأنفسهم، الأمر الذي يسمح لهم بالسفر بعيدًا عن بابل. إن نسل عائلة آريا كان جزءًا من مجتمع تجاري متعدد الثقافات في سيبار، لكنهم اندمجوا في المجتمع البابلي، وينعكس هذا في زواج ابنتهما كاشايا من عائلة بابلية ذات مكانة اجتماعية عالية، وكذلك في  الأسماء البابلية التي أطلقوها على كاشايا وإخوتها مثل "بل –ايدين" و"بل أوبليت" و"نابو إتانو" و"شمش ايدين" وهي أسماء بابلية. 

عقد
عقد زواج بين العروس اليهودية كاشايا والعريس البابلي جوزانو  في مدينة سيبار عام 534 قبل الميلاد - محفوظ في  المتحف البريطاني

ويقول العالم الهولندي الستولا ، إنه "تمت كتابة آخر لوح مسماري يشير إلى قرية يهوذا في بابل في القرن الرابع قبل الميلاد، مما يعكس الانخفاض العام في استخدام الكتابة المسمارية، ومن هنا يمكن ملاحظة سكن اليهود  المستمر والمستقر في بابل طوال الفترة التي تغطيها مصادرنا". أي أنّ سيناريو العودة إلى يهوذا كما تصورها أسفار العهد القديم يعد مبالغًا فيه، وتنقضه الأدلة  الأثرية، وأن الحياة الكريمة في بابل كانت السبب وراء عدم عودتهم. 

 

الكلمات المفتاحية

مدرس.jpg

صور: أستاذ عراقي يتطوع لتعليم المسمارية بطريقة مبتكرة

ينظم مدرس مبادرة سنوية لتعليم الكتابة المسمارية عبر مشروع يستهدف طلاب المرحلة المتوسطة


الهيئة العامة للاثار والتراث.jpg

البعثة التنقيبية العراقية الإيطالية تقترح إقامة متحف ثابت في تل محمد

اكتشافات آثارية في تل محمد ببغداد


جروانة.jpg

لا سياج ولا إجراءات تأمين.. "تويوتا العراق" تبرر صعود "لكزس" فوق السد الأثري

بررت شركة "تويوتا العراق" تصوير إعلان تجاري على متن سد جروانة الأثري في محافظة نينوى والذي أثار استياءً كبيرًا وتفاعلاً غاضبًا


المخرج العراقي محمد شكري جميل.jpg

أخرج "المسألة الكبرى" وشارك في أفلام عالمية.. رحيل المخرج العراقي محمد شكري جميل

النقابة والوزارة تنعيان المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل عن عمر 88 عامًا

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert