الإحاطة الكاملة لبلاسخارت عن العراق في مجلس الأمن الدولي

قدّمت ممثلة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، جينين بلاسخارت، يوم الخميس 18 أيار/مايو 2023، إحاطة في مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في العراق، واقتراب التجديد القادم لولاية (يونامي)..

تناولت بلاسخارت ملفات حكومة السوداني والمعارضة والموازنة والاقتصاد والعلاقة مع أربيل وسنجار والخارج والمياه

وتناولت بلاسخارت حزمة موضوعات عن الشأن العراقي وكذلك "تحليل الأحداث" طوال العقدين الماضيين.

 

حكومة السوداني

بلاسخارت أعادت الحديث الذي قالته في شباط/فبراير، عن إن حكومة محمد السوداني "أظهرت عزمها على التصدي لعدد من القضايا الملحة" ولا تزال كذلك، مشيرة إلى أن الحكومة "تركز على أولوياتها الأساسية وتحاول تفادي عوامل تشتيت الانتباه التي يمكن أن تهدد بزعزعة الاستقرار السياسي السائد".

واستدركت بالقول: "لا يزال الوقت مبكرًا، وليس لدينا بلورة سحرية للتنبؤ بالمجهول، والذي يمكن أن يشمل ظهور عوامل إرباك محتملة".

وتحدثت عن تحدٍ يتمثل بحاجة حكومة السوداني إلى الوقت، "في ظل قلة أو انعدام التسامح مع العودة إلى الوضع القائم الذي كان سائداً قبل تشرين الأول 2022" وضرورة "الالتزام الثابت" من "الجهات الفاعلة" وتقديم "المصلحة الوطنية على مصلحة أي فرد أو حزب".

ولفتت بلاسخارت إلى خلافات ونزاعات في تحالف إدارة الدولة يحاول الائتلاف تضييقها عبر "اجتماعات منتظمة بين الحكومة وأعضاء الائتلاف [التحالف]".

 

المعارضة

طرحت بلاسخارت سؤالًا عمّا إذا كانت القوى غير المنضوية في تحالف إدارة الدولة، مؤثرة في المشهد، مؤكدة أن "القوى المحرِّكة والاتجاهات والآراء والتصورات من خارج الائتلاف (...) ذات صلة، بل ذات صلة كبيرة"، مؤكدة ضرورة "السماح بالتفاعل الصحي بين المعارضة والائتلاف، بما في ذلك من خلال المناقشات العلنية بين صانعي القرار والقادة السياسيين والشخصيات المسؤولة والمجتمع المدني الأوسع نطاقًا".

قالت بلاسخارت إن الإجراءات الضيقة أو الحزبية لن تساعد في حل الأزمات

معالجة الأولويات الأساسية ونجاح ذلك برأي بلاسخارت يتطلب "توازنًا دقيقًا" وكذلك أهمية الأخذ بالاعتبار آثار أي "قانون أو إجراء أو مقترح جديد، سواء انطلق من البرلمان أو الحكومة أو جهة أخرى".

 

 

الموازنة والاقتصاد

رئيسة (يونامي) تحدثت عن اتجاه الأنظار خلال الأيام الحالية إلى البرلمان العراقي بفعل عدم إقرار الموازنة الاتحادية المطلوبة "لتحويل أهداف معينة للحكومة إلى واقع"، مشيرة إلى أن "الاتفاق على موازنة فعالة أمر بالغ الأهمية"، بما في ذلك، تنظيم انتخابات مجالس المحافظات.

"العراق يواصل الاعتماد على النفط ولا يزال القطاع العام هو أكبر جهة توظيف". هذا الأمر عدّته بلاسخارت "ظاهرة طبيعية وليست جديدة"، لكنها قالت إن "تنوع الاقتصاد والإصلاحات الهيكلية الرئيسية تبقى ضرورة ملحة".

وذكرت أن "الحكومات المتعاقبة اختارت الحل الأسهل، وهو إيجاد فرص عمل في القطاع العام (لإسكات] الاضطرابات المدنية" بدل من "تطوير القطاع الخاص" وهو ما "أدى إلى فاتورة أجور لا تستطيع أي دولة تحملها".

 

الفساد

جددت ممثلة الأمم المتحدة الحديث عن "الحاجة الماسة" للإصلاحات، مدعية أن حكومة السوداني "اتخذت موقفًا صريحًا ضد الآثار الضارة المترتبة على الفساد، والتي تنبع من النظام الذي بني على مدى العقدين الماضيين"، كما أثنت على جهود حكومة السوداني "في دفع العراق للاقتراب من الاستقلال في مجال الطاقة"، وذلك "من خلال إصدار جولات تراخيص جديدة وجهود الحد من إهدار الطاقة".

وفي شباط/فبراير الماضي، وقعت حكومة العراق عقود جولة التراخيص الخامسة، الخاصة بالرقع والحقول الحدودية، وقال رئيس الوزراء محمد السوداني خلال حفل التوقيع، إن البلاد "سصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال 3 سنوات".

 

بغداد وأربيل

 

عن وضع إقليم كردستان والعلاقة ببغداد، تحدثت بلاسخارت كثيرًا، بداية من "الخلافات بين الحزبين الحاكمين" في كردستان التي دفعت الأوضاع "إلى حافة الهاوية"، مع "عدم الرغبة في التوصل إلى حل توافقي" للخلافات المالية والإدارية والأمنية والانتخابية المعلقة.

وأشارت إلى "جهود متكررة" من رئيس الإقليم التي "أدت أخيرًا إلى بعض الأخبار السارة" و"اجتمع مجلس وزراء إقليم كردستان مرة أخرى يوم الأحد بكامل أعضاءه بعد مرور أكثر من ستة أشهر".

ووصفت العلاقات بين بغداد وأربيل "بأنها جيدة لكنها معقدة"، مشيرة إلى تأثير "الصراعات السياسية الداخلية في إقليم كردستان" على العلاقة مع "الشركاء في بغداد".

وتطرقت إلى قرار محكمة التحكيم الدولية والاتفاق المؤقت على استئناف تصدير النفط وتحدثت عن "فقدان إيرادات تبلغ مئات الملايين من الدولارات"، لأن استئناف تصدير النفط عبر تركيا لم يحدث حتى الآن.

قالت إن الصراعات الداخلية في كردستان تؤثر على العلاقة مع الحكومة المركزية

وأكدت في هذا الصدد "أهمية الحوكمة الاستباقية وبالتالي إضفاء الطابع المؤسسي لبنية العلاقات بين بغداد وأربيل"، في ملفات الموازنة وموارد النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها واتفاق سنجار.

وأعربت ممثلة الأمم المتحدة عن "خيبة أمل" في ما يخص سنجار، والاتفاق الذي عقد عام 2020، وقالت إن هذا الركود "يفسح مجالًا واسعًا للمفسدين لاستغلال الوضع لمآربهم الخاصة. كما يمنع آلاف النازحين من أهالي سنجار من العودة إلى مناطقهم الأصلية"، مبينة أن "المعلومات المضللة عبر الإنترنت التي استهدفت الأيزيديين" ساهمت بشكل كبير في "التزايد الأخير في التوترات بين المجتمعات المحلية في سنجار".

 

العلاقات الخارجية

أكدت بلاسخارت أن العراق "أظهر التزامًا جديرًا بالثناء بإعادة رعاياه من شمال شرق سوريا" متوقعة "جولات جديدة من العودة" والعمل مستمر "لإعادة إدماج أولئك الذين عادوا سابقاً في مناطقهم الأصلية"، إذ أن "عدد الحالات العراقية هائل، ولا يسعني إلا أن أشدد على أهمية استمرار الدعم للعراق وحاجة أي بلد له رعايا في شمال شرق سوريا أن يفعل نفس الشيء من خلال إعادة رعاياه إلى وطنهم".

وفي ملف المياه، قالت إنها "أهم أزمة مناخية في العراق" فبحلول عام 2035" سيكون لدى العراق "القدرة على تلبية 15٪ فقط من احتياجاته من المياه"، في وقت "تبلغ نسبة التلوث في أنهار العراق 90٪، ويعاني 7 ملايين شخص حاليًا من انخفاض إمكانية الحصول على المياه"، مشيرة إلى "الإعداد لخطط تحديث واسع النطاق لأنظمة إدارة المياه في العراق".

قالت إن التطورات الإقليمية ستبقى تؤثر على العراق

وقالت إن "التوزيع العادل للموارد بين جيران العراق هو أمر يكتسب نفس القدر من الأهمية. فإذا كان الحصول على المياه منافسة فسيخسر الجميع".

وفي سياق الحديث عن الواقع الإقليمي، أكدت أن "التطورات الأمنية والاقتصادية والسياسية الإقليمية تؤثر - وستستمر في التأثير - على العراق"، مؤكدة "أهمية الجهود التي تبذلها الحكومة لتوسيع نطاق الدبلوماسية مع جيرانها".

وعن مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك الأرشيف الوطني، قالت إن السلطات العراقية وبمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الثلاثية تواصل الجهود لتحديد مكان الشهود ومواقع الدفن المحتملة"، مرحبة "بقرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة (...) مهمتها دعم الأنشطة في هذا الصدد (...) وسنواصل انتظار تحقيق تقدم".

 

ختام

في مطلع الإحاطة، تحدثت بلاسخارت عن أن مسار العراق في 20 عامًا "كان وعرًا للغاية". وعلى من أن "العراق طوال تاريخه تغلب على بعض المراحل الشديدة القتامة"، إلا أن "عوامل عدم الاستقرار في الماضي القريب للبلد ظلت، في معظمها، كما هي"، مثل "الفساد وضعف الحوكمة ووجود جهات مسلحة خارج إطار الدولة والإفلات من العقاب والسياسة الفئوية وسوء تقديم الخدمات وعدم المساواة والبطالة والاعتماد المفرط على النفط".

وختامًا، أعادت التذكير بـ"الحاجة إلى حيز مدني فعال ويتمتع بالتمكين والحماية" وأهمية "الإصغاء إلى عدد كبير من الأصوات المختلفة" معربة عن أمل "بأن يتبنى قادة العراق وسلطاته بشكل علني المشاركة المدنية وحرية التعبير لتجنب إثارة شعور متجدد بالعزلة وخيبة الأمل بين أبناء الشعب العراقي، وخاصة بين صفوف الشباب والنساء"، لأن "المساءلة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان تتسم بنفس القدر من الأهمية لمنع تكرار دوامة الأزمات المتكررة"، حسب تعبيرها.

وأضافت: "يمتلك العراق إمكانات هائلة. ومن خلال الخطط الطموحة للحكومة، يمكن معالجة العديد من عوامل عدم الاستقرار، شريطة تنفيذها بشكل كامل بالطبع"، مذكّر بالعوامل التي تقوّض ذلك مثل "الفساد الذي لا رادع له أو التدخلات الداخلية أو الخارجية أو من خلال موجة عارمة من خيبة الأمل أو المساومات السياسية التي تعمل ضد الصالح العام".

وختمت بالقول، إن "الآن ليس الوقت المناسب للشعور بالتراخي أو أن نعتبر اتجاه العراق نحو الأفضل أمرًا مسلمًا به. وآمل حقًا أن نظل جميعًا ملتزمين".