رأي

استقطابات وتحولات المشهد الكردي: تراجع الثلاثية

5 فبراير 2022
GettyImages-851613124.jpg
تراجعت ثلاثية "التوافق الشراكة التوازن" في المشهد الكردي (Getty)
سامان نوح
سامان نوح صحافي وكاتب عراقي

أظهرت التحولات في الساحة الكردية عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة وأزمة التنافس الكردي على منصب رئيس الجمهورية، نجاحًا للحزب الديمقراطي الكردستاني يمكن تلمسه سياسيًا في التحالف الثلاثي، وإعلاميًا في استقطاب العديد من المتحدثين العرب العراقيين إلى جانبه من "محللين سياسيين" وقانونيين وإعلاميين وصحفيين، فصار العديد من الوجوه المعروفة تروج لرؤية الحزب الديمقراطي في مقابل رؤية الاتحاد الوطني الكردستاني.

نجح الحزب الديمقراطي الكردستاني باستقطاب العديد من المتحدثين العرب العراقيين إلى جانبه

بعض تلك الوجوه تعمل في قنوات ومنصات إعلامية تابعة لأطراف التحالف الثلاثي ومن الطبيعي أن تدعم وتروج لرؤية ومواقف الحزب الديمقراطي وتؤيد مرشحه للرئاسة، والبعض الآخر يدعمون تلك التوجهات لاعتبارات أخرى أبرزها تيقنهم من فوز هشيار زيباري ورغبتهم في التقرب منه على أمل أن يحمل لهم فوزه فوائد مباشرة أو جانبية.

اقرأ/ي أيضًا: ليس عدد المقاعد.. الاتحاد الكردستاني يعوّل على "علاقاته" في بقاء برهم صالح

هذا الاستقطاب لإمكانات إعلامية عربية وقبلها لوجوه سياسية، يعد تطورًا في المشهد السياسي والإعلامي، فأن تجد كتابًا وإعلاميين وسياسيين عرب يروجون لحزب كردي (خاصة إذا كان ذلك الحزب في أصل منهاجه يتبنى فكرًا ورؤى قومية وكان قد قاد استفتاء استقلال كردستان قبل سنوات) فهذا تطور مهم وإن بني على المصالح وليس المبادئ وعلى تقاطع برامج سياسية وليس رؤى أيديولوجية وفكرية.

الأهم، بالنسبة للكرد عمومًا وربما الديمقراطي أيضًا، هو استمرار ذلك الدعم في ملفات المطالب الكردية العالقة (المادة 140، قانون النفط، الموازنات، والمجلس الاتحادي) وليس اقتصاره على مرحلة تشكيل الحكومة وتوزيع مغانمها ودعم مرشحه للرئاسة.

كما أن صراع الحزب الديمقراطي وقادته ومسؤوليه الذين كانوا يتبنون قبل سنوات قليلة مشروع "استفتاء استقلال كردستان" للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، بما يحمله ذلك المنصب من رمزية كحامي لوحدة العراق وسيادته وضامن تطبيق دستوره، يعد تطورًا إيجابيًا بالنسبة لمتبني تقوية الدولة الاتحادية.

وبينما يتقدم الحزب الديمقراطي وبإصرار في برنامجه السياسي الجديد، ولديه رؤية واضحة في وجوب الحضور القوي والحاسم في بغداد كما في أربيل، يعاني الاتحاد الوطني من تراجع دوره وافتقاده لرؤية واضحة للعمل على خلفية الأزمات الداخلية التي عصفت به وانشغال قيادته بحسم الصراعات الداخلية لأقطابه المختلفة.

المشاكل الداخلية التي كادت تغرق الاتحاد، أفقدته ذلك التوازن النسبي الذي كان قائمًا طوال العقود الثلاثة الماضية مع شريكه الديمقراطي الكردستاني، وبالتالي القدرة على التنافس القوي في أربيل وبغداد، فظل يتكأ على قدرته في تأجيج المشاكل بإقليم كردستان وتعطيل الحراك السياسي وتأزيم المشهد الأمني، وإعلاميًا على شعارات الحفاظ على "وحدة الصف الكردي".

 ترويج كتاب وإعلاميين وسياسيين عرب لحزب كردي يتبنى رؤى قومية تطور مهام

في أزمة التنافس على منصب رئيس الجمهورية، والتي وصلت إلى حد أن كل طرف تظاهر ضد مرشح الطرف الآخر في بغداد، ومع اتضاح توجهات الديمقراطي وقراره بإنهاء الشراكة "غير المتوازنة" مع الاتحاد، استيقظ الأخير من سباته واصطدم بتحولات الواقع الجديد، ووجد نفسه يقف وحيدًا في الصراع القائم بلا مؤيدين تقريبًا على الساحة العراقية حتى إعلاميًا، رغم أن العديد من الوجوه التي تروج لرؤية الديمقراطي ومواقفه اليوم، كانت تعد إلى فترة قريبة من مؤيدي برهم صالح، ربما بحكم عملهم معه أو وجودهم في السليمانية.

اقرأ/ي أيضًا: برهم صالح يعلن التمسك بولاية ثانية في رئاسة الجمهورية

ويلاحظ أن الديمقراطي مع مشروعه الجديد ضمن التحالف الثلاثي الذي يتبنى فكرة الأغلبية وتقسيم مواقع المسؤولية التنفيذية العليا والدنيا فيما بينها، غادر إلى حد كبير ثلاثية "التوافق، التوازن، الشراكة" التي ظل ينادي بها ويلح عليها طوال 18 سنة من التجربة العراقية الحديثة باعتبارها مبادئ أساسية لضمان الحقوق الكردية في إطار الدولة الاتحادية.

لا أحد يمكن أن يتكهن بنتائج التوجه الذي يتبناه الحزب الديمقراطي بعيدًا عن باقي القوى الكردية، في إطار التحالف الثلاثي وشعار "الأغلبية الوطنية" وفي ظل غياب مشتركات مبنية على أسس متينة، فهل سيحمل الفوائد للكرد أم أنه سينتهي بانتكاسات خاصة مع غياب التوافق الكردي وبروز تباين وتنافر قد ينقلب إلى تصارع كردي في كردستان على خلفية تغليب المصالح الضيقة وغياب المؤسسات الجامعة.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

شرط الصدر على مرشح بارزاني.. انفراط للتحالف الثلاثي أم "تكتيك" لجلسة التصويت؟

سباق الجمهورية: أطراف في التحالف الثلاثي يتهمون برهم صالح بمحاولة تعطيل الجلسة

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert