كبة حلب العراقية.. هناك أسباب وراء تسميتها

تعد كبة حلب العراقية أحد أشهى الأطباق التقليدية في المطبخ العراقي، وتتميز  كبة حلب بنكهتها الفريدة ومكوناتها الغنية. وعلى الرغم من ارتباط اسمها بالمطبخ الحلبي السوري إلا أن لهذه الكبة تاريخ وأصول وأسباب لتسميتها بكبة حلب في المطبخ العراقي، ولمكوناتها وطريقة إعدادها أسرار لا بد من الاطلاع عليها لجمعها بين ثقافات وتقاليد متنوعة في طبقٍ واحد لذيذ.

كبة حلب العراقية.. وهناك أسباب وراء تسميتها

كبة حلب العراقية رغم ارتباط اسمها بمدينة حلب السورية إلا أنه اسم خاص بالكبة العراقية المصنوعة من الأرز، اكتسب هذا الطبق نكهة وطابعًا خاصًا في العراق ليصبح جزءًا لا يتجزأ من تراثه الغذائي. وهنا سنستعرض أصل كبة حلب العراقية، وأسباب تسميتها، ومكوناتها، وطريقة تحضيرها.

أصل كبة حلب العراقية

تعود أصول كبة حلب إلى المطبخ العراقي العريق وهي تختلف عن الكبة الحلبية التي تعود للمطبخ الحلبي في سوريا المعروف بتنوع أطباقه وكثرة استخدامه للتوابل الغنية. وبالرغم من أن الكبة هي طبق شرقي تشتهر به العراق وبلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) على حدٍ سواء إلّا أن الاختلاف في المكون الأساسي وطرق التحضير والتقديم هو ما يجعلها متميزة في كلٍ منها. وما يعطي لكبة حلب العراقية تميزها وتناغمها مع الذوق العراقي الفريد. وبهذا أصبحت الكبة تجسيدًا لمزيج من التراث العراقي وتراث دول الشام كلها معًا. فلو سلطنا الضوء على الفارق في مكونات كل نوع منها لنجد أن كبة حلب العراقية تتكون عجينتها من الأرز والبطاطا بينما تتكون الكبة الحلبية من البرغل واللحم المشفى، أما كْبابْ الرمثا فهي تتكون من البرغل إلا أن طريقة تحضيرها لا تعتمد على القلي بل على الطهي بالبخار وينعكس هذا التنوع على حو الي 70 نوعًا من أنواع الكبة في المطبخ الشرقي.

لا تعكس تسمية كبة حلب فقط مكوناتها وطريقة تحضيرها بل أيضًا تاريخًا من الرحلات التجارية والتبادل الثقافي بين العراق وحلب

أسباب التسمية

تتفاوت الآراء حول أصل كلمة كبة وجذورها ومن هذه الآراء أنها ترجع للكلمة الأكادية كوبو والتي تعني الشيء المستدير كالقبة ومنها أخذت كلمة  قبة في اللغة العربية، مما يدل على أن بلاد ما بين النهرين هي منشأ وأصل الكبة وفقًا لما ذكره كتاب لذائذ جنّة عدن للكاتبة د. نوال نصر الله، ولعل أول ذكر للكبة وجد مكتوبًا في نقشٍ مسماري  بهيئة (كِبتُّو) (Kippatu) منذ عام 879 ق.م في وصف قائمة الطعام في مأدبة تدشين أحد القصور التي أقامها أحد الملوك الآشوريين. كما يرجعها بعض الآراء للأصل الفارسي من الكلمة كوبيدن التي تعني الطحن والسحق.

وتعود تسمية كبة حلب العراقية بهذا الاسم نسبةً إلى مدينة حلب السورية، إذ كانت ما يحمله التجار العراقيون من زوادة طعام قابل للحفظ في رحلاتهم التجارية إلى حلب. حيث كانت العلاقة التجارية الوثيقة بين العراق وسوريا، وخصوصًا في مدينة حلب التي كانت مركزًا تجاريًا هامًا في المنطقة في العصور القديمة فكان التجار العراقيون يسافرون بانتظامٍ بين العراق وحلب للتجارة محملين بالبضائع والسلع المختلفة. وخلال هذه الرحلات الطويلة كانوا يحتاجون إلى طعامٍ مغذٍ، وسهل النقل ويمكن أن يبقى طازجًا لفترة طويلة دون أن يفسد أو يتغير طعمه.

فكانت كبة الأرز هي ما يبحثون عنه بنكهتها الغنية ومكوناتها المتماسكة؛ إذ تعد واحدة من الأطعمة المفضلة لهؤلاء التجار. وكانت تعد من مكونات مثل الأرز والبطاطا واللحم والتوابل، والتي تمنحها قدرة جيدة على التحمل لفتراتٍ طويلة دون أن تفسد بسرعة. وبفضل طريقة تحضيرها التي تتضمن القلي تصبح الكبة مغلفة بقشرة خارجية تمنع تلفها أيضًا.

إضافةً إلى ذلك تعتبر الكبة مصدرًا جيدًا للطاقة والبروتين، مما يجعلها طعامًا مثاليًا للسفر الطويل. وهكذا بدأ التجار العراقيون في نقل هذه الوصفة معهم إلى حلب، وتبادلها مع المجتمعات المحلية هناك. وبمرور الوقت أصبحت هذه الكبة معروفة في العراق باسم كبة حلب نسبةً للمدينة التي كان لها دور كبير في انتشار هذا الطبق بين التجار والرحالة فيها.

وهكذا لا تعكس تسمية كبة حلب فقط مكوناتها وطريقة تحضيرها بل أيضًا تاريخًا من الرحلات التجارية والتبادل الثقافي بين العراق وحلب، مما يضيف عمقًا تاريخيًا وثقافيًا لهذا الطبق الشهير.

تُقدم كبة حلب ساخنة كمقبلاتٍ بجانب أطباق أخرى أو كجزء من وجبة رئيسية

مكونات كبة حلب وطريقة التحضير

تتكون كبة حلب العراقية من مجموعة من المكونات الأساسية التي تميزها عن غيرها من أنواع الكبة، وهي كما يأتي:

المكونات الأساسية للعجينة

1. الأرز المهروس: كوبان من الأرز المطبوخ والمهروس.
2. البطاطا المسلوقة: حبة بطاطا متوسطة الحجم، مسلوقة ومهروسة.
3. الكركم: ملعقة صغيرة من الكركم لإضفاء اللون والنكهة.

مكونات الحشوة

1. اللحم المفروم: نصف كيلوغرام من اللحم البقري أو الغنم المفروم.
2. البصل المقطع: حبة بصل متوسطة الحجم مفرومة ناعمًا.
3. نومي بصره: كمية حسب الرغبة لإضافة نكهة مميزة.
4. الكشمش: كمية حسب الرغبة، ويمكن استخدامه حسب التفضيل.
5. بهارات الكبة: ملعقة صغيرة من بهارات الكبة الخاصة.
6. زيت نباتي للقلي: كمية كافية لتغطية الكبة أثناء القلي.

طريقة التحضير

تحضير العجينة:

1. خلط المكونات: تُخلط البطاطا المهروسة مع الأرز المهروس والكركم حتى تتكون عجينة متجانسة وملونة بالكركم. ويجب التأكد من دمج المكونات جيدًا حتى تصبح العجينة قابلة للتشكيل.

تحضير الحشوة:

1. قلي اللحم والبصل: يُسخن القليل من الزيت في مقلاةٍ على نار متوسطة، ثم يُضاف اللحم المفروم ويُطهى حتى ينضج. ثم يُضاف البصل المفروم ويُطهى حتى يذبل ويصبح شفاف اللون.
2. إضافة النومي بصره والكشمش: تُضاف كمية حسب الرغبة من النومي بصره والكشمش إلى الخليط، وتُخلط جيدًا مع اللحم والبصل.
3. إضافة البهارات: تُضاف بهارات الكبة إلى الخليط، وتُطهى لمدة إضافية حتى تمتزج النكهات جيدًا.

تشكيل الكبة:

1. تشكيل العجينة: تُؤخذ قطع صغيرة من عجينة الأرز والبطاطا، وتُفرد في راحة اليد لتشكل قرصًا رقيقًا.
2. إضافة الحشوة: تُوضع كمية مناسبة من الحشوة في وسط العجينة، ثم تُغلق بعنايةٍ وتُشكل على شكل كرة أو قرص. ويجب التأكد من إغلاق الكبة جيدًا حتى لا تتسرب الحشوة أثناء القلي.

قلي الكبة:

1. تسخين الزيت: يُسخن كمية كافية من الزيت في مقلاة عميقة على نار متوسطة إلى عالية.
2. قلي الكبة: تُقلى الكبة في الزيت الساخن حتى تصبح ذهبية اللون ومقرمشة من الخارج. ويُفضل تقليبها بحذرٍ لضمان نضجها بالتساوي من جميع الجوانب.
3. التصفية: تُرفع الكبة من الزيت، وتُوضع على مناديل ورقية للتخلص من الزيت الزائد.

التقديم

تُقدم كبة حلب ساخنة كمقبلاتٍ بجانب أطباق أخرى أو كجزء من وجبة رئيسية. ويمكن تقديمها مع اللبن الزبادي أو السلطة لإضفاء نكهة منعشة وتوازن غذائي. إذ تعتبر كبة حلب طبقًا مغذيًا وشهيًا يجمع بين النكهات الغنية والمكونات المتوازنة فيها.

لعل التعرف على كبة حلب العراقية، من حيث أصولها وتاريخها والمكونات التي تميزها، ومعرفة الأسباب وراء تسميتها بهذا الاسم، وكيف أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المطبخ العراقي أمر هام تراثيًا والتمييز بينها وبين الكبة الحلبية وغيرها من الكبب لتلافي الخلط بينهما. حيث إن هذا الطبق اللذيذ يعكس تلاقي الثقافات وتبادلها عبر الزمن، مما يضيف بُعدًا تاريخيًا وجماليًا لكل لقمة، ويضفي فهمًا أعمق وأثرًا ثقافيًا يثري التجربة مع هذا الطبق التقليدي الشهي الذي يعد طبقًا عراقيًا باسمٍ سوريّ.