قصة الرسائل التي أنقذت الحضارة العراقية
13 نوفمبر 2022
قبل أكثر من 2000 عام،و في معبد ما من معابد مدينة بورسيبا، إلى الجنوب من بابل. كان أحد الطلبة، واسمه "نابو كسورشو" يؤدي بتفانٍ وشغفٍ واجباته المدرسية اليومية المتضمنة نسخ السجلات الإدارية وإعادة كتابة التراتيل الدينية، ونقلها من الرقم الطينية القديمة المتضررة، بالإضافة إلى تدربه على تحضير "البيرة الخاصة" بالطقوس الدينية في المعبد.
وظفت الكتابة في بادئ الأمر في تدوين حصص الطعام والبيرة والأجور الخاصة بالعمال ضمن نطاق المعابد
في اللحظة الذي التقط فيه "نابو كسورشو" قلم القصب الخاص به للمرة الأولى، كان قد مضى على اختراع الكتابة المسمارية ما يزيد عن 3000 عام. إذ وظفت الكتابة في بادئ الأمر في تدوين حصص الطعام والبيرة والأجور الخاصة بالعمال ضمن نطاق المعابد، ومع مرور الوقت، أصبحت النصوص السومرية المسمارية أكثر تعقيدًا، فتم تدوين الأساطير والقصائد القصيرة والملحمية والأغاني والتراتيل والصلوات الدينية، بما في ذلك التراتيل الخاصة بآلهة الخمر (نينكاسي) التي تتلى خلال عملية تخمير البيرة. وعندما تراجع استخدام اللغة السومرية، وحلت اللغة الأكدية الأكثر حداثة محلها، انهمك الكتبة في إنشاء القواميس الثنائية، اللغة الخاصة بنقل العلامات بين اللغتين، بالإضافة إلى إعادة كتابة النصوص المهمة.


ومثل "نابو كسورشو" يحلم الكثير من البشر بكتابة شيء ما يمكن قراءته بعد آلاف السنين، سواء كانت شعرًا أو تحذيرًا أو نبوءة، وفي تاريخ البشرية من نجح في ذلك. لكن نابو كسورشو، ترك لنا مفتاحًا لفهم حضارات بأكملها وحجر الانطلاق لإعادة قراءة التاريخ العراقي القديم, ففي القرن التاسع عشر، كان علماء الآثار يتسابقون لفك رموز لغة غامضة – اللغة السومرية. تم العثور عليها مدونة على ألواح طينية متصدعة تم استخراجها من بين الأنقاض المغطاة بالرمال لمعابد وقصور في عموم العراق. كانت اللغة السومرية، والتي اختفت ونُسيت وتحولت إلى تحدٍ كبير خصوصًا أنها لا ترتبط بأي لغة أخرى معروفة لدى الباحثين. في حين تم فك الرموز الأكدية من قبل العلماء بفضل ارتباطها باللغات الباقية مثل العربية والعبرية، وهنا كانت قيمة الرقم الطينية التي دونها نابو-كسورشو التي استخدمت كقواميس ومعاجم من قبل المختصين أثناء العثور عليها في المعبد في بورسيبا عام 1880. كان جمال الخط وأناقته ووضوحه السمات البارزة في ما دونه نابو-كسورشو.

يقول كريسوستومو، إنّ "الكثير مما نعرفه عن السومرية اليوم تم عبر نابو-كوسورشو". إذ أن ما دونه هذا الكاتب، الذي يعتد أنه لا زال في بداية العشرينيات من عمره أثناء انهماكه في الكتابة. ويعد ما تركه من تراث مكتوب بخط واضح و دقة وعناية فائقة، ويشكل ما تركه ربع القواميس الثنائية اللغة التي ساهمت في فك شفرات العلامات المسمارية السومرية، وعرفت الجميع بإنجازاتهم الرائدة، إذ ساعدت هذه القوائم التي نقلها نابو-كسورشو في ترجمة الرقم الطينية السومرية، والتعرف على منجزاتهم. وعمومًا، فإنّ أكثر من مليون نص مسماري تم قراءته بفضل القرائن اللغوية التي تركها نابو كسورشو وغيره ممن ساهموا في إنقاذ حضارة وادي الرافدين.
الكلمات المفتاحية

صور: أستاذ عراقي يتطوع لتعليم المسمارية بطريقة مبتكرة
ينظم مدرس مبادرة سنوية لتعليم الكتابة المسمارية عبر مشروع يستهدف طلاب المرحلة المتوسطة

البعثة التنقيبية العراقية الإيطالية تقترح إقامة متحف ثابت في تل محمد
اكتشافات آثارية في تل محمد ببغداد

لا سياج ولا إجراءات تأمين.. "تويوتا العراق" تبرر صعود "لكزس" فوق السد الأثري
بررت شركة "تويوتا العراق" تصوير إعلان تجاري على متن سد جروانة الأثري في محافظة نينوى والذي أثار استياءً كبيرًا وتفاعلاً غاضبًا