ثقافة وفنون

عن فيروز.. بلا سبب

2 أغسطس 2016
reporters_18377743_2.jpg
غرافيتي في بيروت
رجاء غرب
رجاء غربصحفية من المغرب

على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، يقع أكبر معهد موسيقي في مدينة الدار البيضاء، وسط شارع باريس المعتق الذي يشهد على حقبة زمنية مهمة في تاريخ المغرب. بمجرد وصولك مدخل الشارع من جهة ساحة "مارشال" يتسحب إلى أذنيك عزف نوتات وصوت كورال تتباين درجة أدائه مع تباين المستوى الموسيقي لمؤديه. 

لم تجتمع في الغناء العربي أقطاب النجاح من صوت ولحن وإحساس كما اجتمعت في أغنيات فيروز

كلما اشتد بي شجن الحب وعذابته أجدني أتجه صوب هذا المعهد الموسيقي، الذي يخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع للمدرسة الرحبانية وفيروز. كل يوم ثلاثاء أهرب إلى فيروز، أدوزن ساعات ما بعد الظهيرة على أنغام أغانيها، فالسيدة لها من اسمها نصيب كبير، وفي صوتها صفاء الحجر الكريم الذي تحمل اسمه. ابنة حارة زقاق البلاط، الأسطورة التي تولد كل صباح، توقظ ورد الروح داخل كل من لامست أذناه ترنيمة لحب رحباني، يصل صداها إلى قلب يخاطب نفسه: "يا طيِب القَلـبِ، يا قَلبي تحـملني، هُم الأحبة إن غابوا وإن حضروا".

اقرأ/ي أيضًا: نادين الخالدي.. نحن أيضًا شعوب تحب الطرب

لم تجتمع في الغناء العربي أقطاب النجاح من صوت ولحن وإحساس كما اجتمعت في أغنيات فيروز، من حنين صوتها، ورقة كلماتها، وجمال شجن مواويلها، ولهذا تستحق أن نكتب عليها، وعن صدق أدائها، وعن أشياء أخرى تحملها وتترجمها إلى خطاب موسيقي استثنائي، يحمل من الأمل والحب والصفاء والنقاء والألفة والسلام ما يحمل.

فيروز قطعة من السماء، كيف لا وهي جارة القمر؟! يتحرك صوتها شاديًا ألحان الرحابنة، متغنية بطفولة لم يجف ماؤها بعد، ساعية وراء أزمنة جديدة وغريبة عنها، تفتش بين حارات القدس العتيقة، راسمة طريقًا من لبنان "إليك يا تونس الشقيقة"، وتحت ياسمينات الشام نسمت صباحًا رائحته سوريا، متغنية بمكة الأصيلة وسط مساءات الأردن، بقصائد بغداد وشعرائها، وزمن يسافر بالوصل إلى دروب الأندلس المغتصبة.

فيروز، الأغنية التي تنسى أن تكبر، ترسل حنجرتها الذهبية أنفاسًا تشترك فيها النشوة كالشذى الطيب النفاذ، تأخذني أنا وهؤلاء الصغار، تلامذة المعهد، وتتخلق في هالة الطرب على هيئة امرأة جميلة، امرأة اختارت الوقوف أمام ميكروفون عصي الانحناء كظهرها، ووفوق هذا الفيض من الجمال الفيروزي، تجد ضحكة فيروز حبيسة ثغرها اختارته مقاما لا تبرحه.

غاستون باشلار: "إن أصفى حبّ هو ذلك الذي خسرناه"

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "أخوات السرعة".. فلسطينيات سريعات وغاضبات

قال باشلار يومًا "إن أصفى حب هو ذلك الذي خسرناه"، ولعل أصفى ما خسرته فيروز هو عاصي الرحباني، فقيد مشوارها ووالد أبنائها، ومنبع الـ"آه" في أغنياتها، وكلما جلست على كرسي وسط فصل دروس الثلاثاء أتخيل عاصي الرحباني يرسم نوتات موسيقية في الفضاء، يحرك أصابعه وفق معزوفة متناغمة تلتقطها فيروز بقلبها وتترجمها إلى أداء. أجلس وأتساءل ماذا عن الرجل الذي أمسك بيد صوتها؟ الرجل الذي حرك وتر العزف ومزجه بالكلمات؟ ماذا عن فيروز مع عاصي الرحباني. وما قدماه من عاطفة مرسومة في انتصار يليه تصفيق جمهور. انتصار للحرية والأرض والحب والأمل.

عبرت فيروز بوابة الثمانين، وبهذا العبور سجلت عراقة الأغنية العربية الأصيلة، وإتقان قصيدة لن تنسى، وعلى قول زيادها "بلا ولا شي... بحبك، بلا ولا شي"، وفعلًا بلا وشي يمكن الكتابة دائمًا عن فيروز الاستثنائية، الظاهرة التي لن تنتهي، جملة لا غير: فيروز رائحة لبنان العطرة.

اقرأ/ي أيضًا:

فادي فيّاض.. أن تصير المشاعر ألوانًا

فيلم "هيبتا".. حكاية الأدب التجاري والسينما

الكلمات المفتاحية

مدرس.jpg

صور: أستاذ عراقي يتطوع لتعليم المسمارية بطريقة مبتكرة

ينظم مدرس مبادرة سنوية لتعليم الكتابة المسمارية عبر مشروع يستهدف طلاب المرحلة المتوسطة


الهيئة العامة للاثار والتراث.jpg

البعثة التنقيبية العراقية الإيطالية تقترح إقامة متحف ثابت في تل محمد

اكتشافات آثارية في تل محمد ببغداد


جروانة.jpg

لا سياج ولا إجراءات تأمين.. "تويوتا العراق" تبرر صعود "لكزس" فوق السد الأثري

بررت شركة "تويوتا العراق" تصوير إعلان تجاري على متن سد جروانة الأثري في محافظة نينوى والذي أثار استياءً كبيرًا وتفاعلاً غاضبًا


المخرج العراقي محمد شكري جميل.jpg

أخرج "المسألة الكبرى" وشارك في أفلام عالمية.. رحيل المخرج العراقي محمد شكري جميل

النقابة والوزارة تنعيان المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل عن عمر 88 عامًا

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert