رأي

عام ونصف العام.. كشف حساب مع الكاظمي

6 أكتوبر 2021
AP21183341079608-1.jpg
مع قرب انتهاء ولايته نظريًا (فيسبوك)
زيا وليد
زيا وليدكاتب وصحفي من العراق

خمسة ملفات متفاوتة الأهمية قلنا إن الكاظمي لا يمكنه تجاوزها أثناء تسلمه مهام رئاسة مجلس الوزراء وعدنا بعد عام لنسلط الضوء على ما فعله بشأنها، والآن مع قرب انتهاء ولايته نظريًا بإجراء الانتخابات المبكرة يُمكن القول إن أغلب التشخيصات التي عرضناها لم يطرأ عليها تغيير جذري بل أنها سارت بذات الاتجاه.

حاول الكاظمي التعاطي مع مطالب المحتجين لكنه لم يفلح بالكثير منها أو الأهم منها

وباء كورونا، تهديد الجماعات الإرهابية، الانهيار الاقتصادي، الاشتباك الأميركي الإيراني، ومطالب المتظاهرين.. ملفات طُرحت على طاولة الكاظمي فور تسلمه المنصب بعد احتجاجات هزت النظام السياسي وألقت على عاتقه مهمة كبرى أرهقته لثقلها وقلة حيلته، وضعفه أحيانًا.

اقرأ/ي أيضًا: عام الامتحان.. هل "رسبت" حكومة الكاظمي؟

تجاوزت الحكومة مشكلة أسطوانات الأوكسجين لكنها فشلت في درء الحرائق التي طالت مستشفيات في بغداد وذي قار والتي ربما ترتبط بملفات أخرى ليس صحية أو فنية فحسب.

التعامل مع اللقاحات المضادة للفيروس لم يختلف عن بيروقراطية المؤسسات الحكومية الأخرى رغم تصاعد رغبة الناس بالحصول عليه. على أية حال، التعامل مع الوباء كان متوسطًا بالنظر إلى المعطيات.

لن نزيد عمّا ذكرناه في ملف الجماعات الإرهابية والإخفاق الاستخباري الذي تكرر خصوصًا في مناطق الطارمية وديالى وصلاح الدين المذكورة في المقالة السابقة. وكذلك سنترك التفاصيل للمتخصصين.

الملفات الثلاثة الأخرى هي الأهم في هذا التعليق على حكومة يشارف عمرها على الانتهاء.

في الملف الاقتصادي، واجهت الحكومة أزمة كبيرة جراء انهيار أسعار النفط العالمية والإغلاقات الناجمة عن تفشي كوفيد - 19، وكان الحل الأبرز الذي لجأت إليه رفع سعر صرف الدولار أو بالمعنى الأدق تخفيض قيمة العملة المحلية ليس لتوفير رواتب الموظفين وتقليل العجز في الموازنة فحسب، بل للحد من خروج العملة الأجنبية إلى الخارج عبر مبيعات البنك المركزي؛ لكن لغة الأرقام لا تكذب: استمرت المبيعات بالصعود، وفي شهر أيلول الماضي وحده قاربت المبيعات 4.5 مليار دولار. والحديثُ عن سد العجز ما هو إلا نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط مع عودة فتح الأسواقات والنشاط الصناعي والتجاري والسياحي حول العالم.

من الواضح أن للحكومة رؤية (أو اتفاق) مع نظرية تعطي الأولوية لتقليل المصاريف التشغيلية لكن من دون حلول موازية، فمُخرجات القرارات الحكومية كانت ارتفاع معدلات التضخم وزيادة نسب البطالة والفقر، وربّ مدافعٍ عن سياسة الحكومة يقول إن الإصلاح الاقتصادي بهذه الطريقة يحتاج إلى وقت وقد يكون محقًا لكن النتائج وعلى مدار عام ونصف العام تقريبًا لم تكن إيجابية.

لناحية الاشتباك الأمريكي الإيراني وملف العلاقات الخارجية سجّلت الحكومة بعض النقاط الإيجابية التي يشير لها سياسيون ومراقبون، وتتحدث عنها الحكومة مفاخرة بالقمم وجولات الحوارات التي عُقدت في بغداد وغيرها.

إن المساعي الحكومية التي استقطبت الحراك الخارجي واضحة ولعلها الأبرز في أجندتها؛ لكننا مرة أخرى نبحث عن النتائج. من المعروف أن الملف النووي الإيراني له أولويته بالنسبة للدول الكبرى وما النفوذ في العراق إلا جزء مهم من ملفات عدّة على الطاولة، ما يعني منطقيًا أن العراق يبحث عن تهدئة في الداخل خلال أي حراك خارجي يخوضه، وهذا ما لم يحصل، وقطعت أحلام الآملين به أصوات الصواريخ والمسيّرات والعبوات في سماء وأرض البلاد من شمالها إلى جنوبها.

لقد اتخذ الكاظمي مسار حيدر العبادي في كسب ثقة المجتمع الدولي واجتهد للمزيد من الانفتاح على العرب، واتعظ من خطأ العبادي عبر تخفيف لهجته اتجاه إيران لكنه لم يُصلح الخطأ الأهم وهو عدم كسب ثقة الشارع والاكتفاء بالاستعراضات الإعلامية.

حاول الكاظمي التعاطي مع مطالب المحتجين لكنه لم يفلح بالكثير منها أو الأهم منها. حاول حل أزمات اجتماعية بشكل سريع حالما تُطرح على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لكن ذلك لم يحقق المبتغى.

إن تنفيذ أجندة ما، بعد التوافق مع الدول المؤثرة - حتى في الحالات والتجارب غير المحمودة في المنطقة كعمليات الانقلاب على السلطة - يأتي بعد فعل حقيقي أو تحرّكٍ على الأرض ينتزع شعبية أو شرعية شعبية تعين الفاعل على تطبيق خططه، والكاظمي قفز مرحلة كسب الشعبية أو لعله يعتقد من خلال استشارات المقربين أن الحركات الإعلامية كفيلة بتهيئة كتلة جماهيرية ساندة.

الحق، إن الفاعلين السياسيين بغض النظر عن طريقة وصولهم إلى السلطة وطبيعة شرعيتهم لا يمكنهم المضي بإصلاحات أو عمليات تغيير عميقة في النظام دون سند سياسي شعبي في الداخل، فالخارج لا يعقد دورات تأهيل بل ينتظر قرارات على الأرض.

للإنصاف، كانت فترة ولاية الكاظمي مليئة بالمطبات السياسية والاقتصادية والأمنية، وبسبب انتفاضة تشرين وضعت بعض أحزاب النظام التي تمتلك سلاحًا ومالًا ونفوذًا في جهاز الدولة البلادَ على حافة حربٍ دفاعًا عن مصالحها في وقت يرى رئيس الحكومة نفسه أضعف من مواجهتها. لكن العذرَ غير كافٍ قياسًا بمدى الضعف الظاهر بعد حراك شعبي كان أسطوريًا في صموده أمام آلة القتلة المتنوعة.

إن الفاعلين السياسيين لا يمكنهم المضي بإصلاحات أو عمليات تغيير عميقة في النظام دون سند سياسي شعبي في الداخل

ربما يعود رأينا نفسه - وهو تشخيص ونقد ذاتي - إلى خانة "التوقعات المسبقة" واعتبار الحكومة حكومة انتقالية لا مؤقتة، وهو ما سنفصل فيه لاحقًا.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الانتخابات والتوقعات.. هل تكتمل خيبة الأمل؟

الكاظمي وتصفير العدّاد.. مقاربات وملفات واحتمالات

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert