رأي

تعيش الحكومة.. يسقط الشعب!

27 مايو 2022
1231706305.jpeg
العراق وشعبه اليوم يعيشون في قعر حالات البؤس (فيسبوك)
سمير داود حنوش
سمير داود حنوشكاتب عراقي

في كل الزمكانيات والدساتير والأعراف والسلوكيات السياسية المتعارف عليها أن الشعوب هي التي تصنع الحكومات وتصوغها وتُنتجها بطرق شتى، فبعضها تُولد من رحم الديمقراطية وصناديقها الانتخابية وحرية الاختيار للناخبين، وأخرى تُنتجها الانقلابات الدموية، وثالثة الثورات التي تحدث للإطاحة بحكامها، وأخرى تكتسب الحكم بالوراثة إلا في العراق فالوضع مقلوب تمامًا حيث أن الحكومة هي التي تُنشئ الشعب وتُنتج الأمة. 

 تفكك وانحراف المجتمع وتمزقه هو انعكاس للإرباك السياسي والفوضى التي يعيشها النظام العراقي

قد يكون هذا الحديث غريبًا أو مُستهجنًا خصوصًا عندما تقرّ قوانين الحياة السياسية مجموعة بشرية مصغرة لإدارة شؤون جماعات أكبر، وأعمّ تهتم بشؤون الرعيّة ومتطلباتهم وإدارة وتنظيم مستلزمات حياتهم.

الحكومة في بلدنا هي التي تنتج شعبًا، ذلك ما أفرزه واقع الديمقراطية الفاشلة التي جاؤوا بها إلى بلادنا وأوهمونا بخصالها الحميدة، عملية انتخابية بحركات وقوانين  ديمقراطية بامتياز! تتكرر لمدة خمس دورات انتخابية حيث لازالت صناديق الانتخابات تُنتج نفس الوجوه والشخصيات، ولم يتغير من الواقع شيئًا سوى مزيد من الوجنات المنتفخة والكروش المائلة، فالعراق البلد الوحيد الذي يكون فيه رئيس الوزراء في الدورة القادمة وزيرًا ويصبح الوزير برلمانيًا ويكون البرلماني مُستشارًا والسارق حاكمًا والفاسد نزيهًا.

لا غرابة في العراق في حكومة تُنشئ شعبًا بدليل أنكم عندما تنظرون إلى خلافاتهم ونزاعاتهم وصراعهم على مغانم السلطة وما ينتج منها من عنف وقتل وتشريد وفوضى في الحياة السياسية ينعكس سلبًا على الشارع الذي يعيش بمفترق طرق عن هؤلاء الأحزاب والمسميات السياسية، لكن الغريب أن خلاف وصراع هؤلاء يصل حتى إلى الحياة اليومية ومصادر المواطن المعيشية.

تمعّنوا أيُها القوم في عراقنا اليوم ستجدون مجتمعًا مرتبكًا وخائفًا يعيش حالة من (التوحد) غائبًا عن الوعي في إدارة أمور حياته، بل لقد تجاوز فقدان الوعي إلى شيوع ثقافات الانتحار والمخدرات والاتّجار بالبشر وعصابات الجريمة المنظمة والانحلال الأخلاقي بعد أن كان هذا المجتمع يتخوف مجرد الحديث عن مفهوم المخدرات علنًا خوفًا من بطش النظام وعقوباته.

تفكك وانحراف المجتمع وتمزقه هو انعكاس للإرباك السياسي والفوضى التي يعيشها نظامه السياسي، ونتيجة حتمية أنتجتها سياسات خاطئة ونظام سياسي مشوه وعملية سياسية بائسة كُتب عليها الهلاك وهي تحتضر بديمومة الحياة من قناني الأوكسجين التي تتنفس منها، وبمجرد رفع هذه القناني ستوقّع شهادة الوفاة لهذه العملية السياسية.

العراق وشعبه اليوم يعيشون في قعر حالات البؤس والفقر والتخلّف في مرآة عاكسة لنظامه السياسي الذي أوجد كل هذه الموبقات من سُخريات الزمن الذي كان يُضرب بهذا البلد الأمثال في العلم والمعرفة والصناعة والزراعة. الحكومة هي التي تصنع الشعب، ذلك هو الشعار الذي اعتدنا عليه في ظل هذا المشهد المشوه عكس المألوف وغير الاعتيادي، في مفارقة أن كل شيء في العراق يسير بالمقلوب في نتيجة حتمية استنتجها الشعب أن الحكومة هي التي تصنعهم.. أليس كذلك؟

 

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert