اطمئنوا.. الزنزانة تتسع للجميع
5 ديسمبر 2022
وكأنه عندما كان يصرخ ويتحدث في الفضائيات ويصيح "اطمئنوا" كان يُدرك أن مسيرة حُكمه التي ستدوم لأكثر من عامين ستكون مليئة بكل أنواع وألوان الفساد وستُغرق البلد في وحل النهب والانقضاض على ما تبقّى من المال العام. كان يعلم رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي أنّ في عهده سيشهد العراق أكبر عناوين السرقات وأبشع جرائم نهب المال العام، لذلك كان يصيح "اطمئنوا.. اطمئنوا".
"اطمئنوا لن تُحاكمني أي سُلطة" هكذا كان يقصد الكاظمي لأنه مُتأكد مما يقول
لا أدري من أين يأتي البعض بذلك التفاؤل الممزوج بشعور الرضا، وهو يتحدث عن ضرورة مُحاسبة من أفسد من أركان حكومة الكاظمي وناهبيها، ولا يعلم هذا البعض أن رئيس الحكومة السابق ومنذ بداية استلامه للسُلطة عَمِلَ على تحقيق أمر غاية في الأهمية فات على الذين جاءوا به إلى السُلطة أن يُفكّروا فيه، وهو قيامه بجمع ملفات الإدانة وقضايا الفساد للأصدقاء قبل الأعداء والاحتفاظ بهذه الملفات في خزنته السرّية ليوم العُسرة، ذلك الوقت الذي ستُكشف عورات حكومته عندها سيكون الكاظمي قد أخرج ملفات الفساد التي يحتفظ بها لِيُشهرها بوجوه الذين يُريدون مُحاسبته أو مُحاكمته.
"اطمئنوا.. اطمئنوا" كلمات كان "الشهيد الحي" يُخاطب بها العراقيون ليُخبرهم أن سنين حُكمه العِجاف ستكون كافية لتجويع الشعب وإذلاله وأيام كفيلة بأن يرى العراقيون بِأُم عينهم المليارات المنهوبة، وهي تتطاير وتتناثر في الهواء من أيادي السُرّاق والنهّاب، بينما يعيش المواطن العراقي أصعب أيام زمانه بعد القرار الأسود برفع الدولار مُقابل الدينار.
"اطمئنوا لن تُحاكمني أي سُلطة"، هكذا كان يقصد الكاظمي لأنه مُتأكد مما يقول.
مُهمّة ربما ستكون مليئة بالتحديات للحكومة الحالية في إثبات حُسن نواياها لاسترداد تلك الأموال إلى خزينة الشعب، خصوصًا مع وجود لصوص بَرِعوا في نهب مُبرمج وسرقة مُتكاملة المعالم.
اطمئنوا.. فالشعب لا بد أن يقول كلمته لكم مهما طال وقتها وزمنها، فالزنزانة لن تمتلئ لأنها تتّسع لكم جميعًا.