رأي

أحوال الانتقائية العراقية

26 ديسمبر 2015
11242788_10206646379505839_2045846312600474741_n.jpg
ميثم راضي/ العراق
مصطفى سعدون
مصطفى سعدونصحفي من العراق

بإمكانك أن تنشر صورة في حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي لضحية ما، وتكتب عليها أن فلانًا ينتمي للمكون الفلاني، ستأتيك كميات كبيرة من اللايكات والكومنتات، لكن هناك من لم يكتب ولم يتضامن!! بعد أيام قم بإعادة نشر الصورة، لكن غير انتماء الضحية، سترى تفاعلًا جديدًا. الذين لم يتضامنوا مع الصورة الأولى سيكون لهم تواجد كبير بعد أن أصبحت الضحية قريبة منهم، مناطقيًا أو دينيًا أو مذهبيًا أو قوميًا. تبرز لنا الأحداث الجارية في العراق والعالم مدى الانتقائية التي نمارسها بقصد أو دون قصد.

في الفيسبوك لدينا فريقان، الأول يعترض على ما يوافق عليه الثاني، والثاني يعترض على ما يوافق عليه الأول

المتضامنون مع أحداث شارلي إيبدو، وبعدها تفجيرات باريس الأخيرة، لم يتضامنوا مع ما جرى في نيجيريا، مؤخرًا، من عملية قتل لأتباع المذهب الشيعي، والمعترضون على "انتهاك السيادة" من قبل الزائرين الإيرانيين، لم يعترضوا على "الانتهاك التُركي" واختراق الحدود العراقية.

أزمة كبيرة تتضح ملامح تفاقمها في المجتمع العراقي، الذي يُعاني قبل ذلك من أزمات ومشاكل أخرى، تكمن في تجزئة حقوق الإنسان والتضامن مع "الضحية" على حساب الهوية والانتماء. بدلًا من أن تردم مواقع التواصل الاجتماعية الفجوة أو نعمل على ردمها نحن آل "فيسبوك" قمنا بتكبيرها، وخلقنا حالة من الفتور المجتمعي ونحن نتعامل مع الأحداث بانتقائية. أصبح لدينا فريقان، الأول يعترض على ما يوافق عليه الثاني، والثاني يعترض على ما يوافق عليه الأول، فحتى الأشياء والتفاصيل التي يُفترض أن تكون جامعة، أصبح عليها اختلاف كبير.

البحث عن التفاصيل التي تُفرقنا طريق يسلكه الأغلبية، أما ما يُمكنه أن يجمعنا ويُعيد لنا ما يُمكن أن نُصلح به خرابنا، فخالٍ إلا من فئة يطلق عليها البعض مصطلح "الأقلية"، الحالمة بمستقبل بلا حروب. تحاول الوقوف بعيدًا عن الضجيج و"الصراعات" الافتراضية المحتدمة، وتعطي رأيك وفق ما تمليه عليك الموضوعية والمؤشرات التي تمتلكها واستقراء المستقبل، لكنك تصطدم بتُهم جاهزة: "محاربة المذهب"، "الماسونية"، "بائع ضمير"، "مجامل"، "صفوي".. إلخ.

الرأي الذي كتبته سابقًا وشهد كثيرًا من الاعتراضات المشوبة بالتُهم وجُمل الافتراء، سيكون رأيًا سديدًا إذا ما كتب أشياء مقاربة له أي من أتباع المكون أو الحزب الذي اعترض عليك سابقًا، فالعملية هنا لا تقصد الأفعال وإنما الأسماء والانتماءات.

يغيب الرأي المبني على أساس حقيقي، وتغيب معه أصوات العقلاء التي دائمًا ما تتعرض لهجوم كاسح من جيوش المعلقين الذين ينتمون للفرق المتصارعة، بينما يبقى أؤلئك الحالمون بعالم بلا حرب، يكتبون ويدونون، لعلهم يحققون ما يصبون إليه. بالنتيجة، نحن بحاجة إلى مغادرة الانتقائية في التعامل مع الأشياء، فاضطراب الأوضاع في البلاد لا تحتمل مزيدًا من هراء مدونين يملؤون العالم الأزرق بؤسًا من الأحرف.

اقرأ/ي أيضًا:

أعياد العراق.. أفراح منقوصة

مفوضية حقوق الإنسان في العراق!

الكلمات المفتاحية

الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة


مسعود بارزاني السوداني.jpeg

خلافات بغداد وأربيل.. تنافس يوضح المشهد السياسي لانتخابات 2025

لا يمكن أن تأتي إعادة تشكيل القوة في العراق إلا نتيجة لحدث عراقي أو إقليمي كبير من شأنه أن يعيد ضبط اللعبة

11 ابتزاز.jpg
أخبار

القضية وصلت إلى السفارة والمخابرات.. اعتقال عراقي ابتز امرأة أجنبية

أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال متهم بمحاولة ابتزاز امرأة أجنبية، إثر تلقي شكوى من خلال إحدى السفارات العراقية

البنك المركزي الجديد طقس بغداد غيوم.jpg
اقتصاد

البنك المركزي ينشر 3 نقاط من نتائج اجتماعه مع الجانب الأميركي حول القطاع المصرفي

نفى تعرض مصارف عراقية لعقوبات


مجلس الوزراء.jpg
اقتصاد

خبير اقتصادي يطالب البنك المركزي بالكشف عن زيادة الدين الداخلي سنويًا

ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9% ليصل إلى 81 ترليون دينار

عبد اللطيف رشيد.jpg
أخبار

رئيس الجمهورية يواجه سؤالًا برلمانيًا: لماذا رفعت راتبك؟

"الإجابة خلال 15 يومًا"

advert